أثارت زيارة وفد ديني من سوريا ولبنان إلى مخيمات تندوف، والتي أعلنت عنها ما تسمى “وكالة الأنباء الصحراوية”، جدلا واسعا على الصعيدين الإعلامي والدبلوماسي، إذ أعادت هذه الزيارة إلى الواجهة ملف ارتباط جبهة “البوليساريو” بمحور إيران-حزب الله، وسط تصاعد مؤشرات حول تمدد النفوذ الإيراني بشمال إفريقيا.
الوفد، المكون من شخصيات دينية بارزة ضمن ما يسمى “جمعية الإصلاح والانتماء”، ضم الشيخ حسام العلي من لبنان، والشيخ موسى الخلف والشيخ محمد الرافعي من سوريا، إضافة إلى الشيخ حديد الدرويش، المعروف بصلاته الوثيقة بحزب الله وإيران. وقدمت الزيارة على أنها “عمل تضامني” لدعم ما يسمى بالقضية الصحراوية، إلا أن خلفية أعضاء الوفد وتاريخ مواقفهم أشعلت التساؤلات حول الطابع الحقيقي للرحلة.
وأشار الإعلامي والناشط الحقوقي الجزائري وليد كبير إلى أن استقبال مثل هذا الوفد يبرز “خيوط الارتباط العميق بين البوليساريو ومحور طهران-بيروت”، مؤكدا أن مخيمات تندوف باتت نقطة ارتكاز لتمدد النفوذ الإيراني في شمال إفريقيا، ضمن استراتيجية إعادة إنتاج نموذج التحالفات الذي اعتمدته طهران في لبنان واليمن والعراق.
وتتضافر هذه المعطيات مع تقارير وتحقيقات دولية، أبرزها تحقيق مجلة “MENA DAWN” الهولندية في غشت 2025، الذي كشف مشاركة مقاتلين من البوليساريو في الحرب السورية إلى جانب قوات نظام الأسد، بعد تلقيهم تدريبات وتسليحا من إيران وحزب الله، بدعم جزائري مباشر. كما ارتبطت الجبهة بمحاولات إسقاط النظام السوري، والتي أسفرت عن اعتقال عدد من عناصرها.
وتستذكر هذه الأحداث خطوة المغرب سنة 2018، حين قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران بعد اتهامه لحزب الله بدعم وتسليح عناصر البوليساريو، وهو ما أكده وزير الخارجية ناصر بوريطة حينها، مؤكدا امتلاك الرباط “أدلة دامغة وأسماء وتواريخ” حول عمليات التدريب وتسليم الأسلحة عبر الجزائر.
الزيارة الأخيرة تكشف مرة أخرى الوجه الخفي للتفاعل بين الجبهة الانفصالية ومحور إقليمي واسع النفوذ، وتطرح تساؤلات جدية حول دور الجزائر في دعم أنشطة خارج الإطار القانوني، وما إذا كانت مخيمات تندوف تتحول تدريجيا إلى منصة لنفوذ أجنبي في قلب شمال إفريقيا.


