الأكثر مشاهدة

تقارير مجلس الحسابات تفضح: تواطؤ منتخبين ضد جماعاتهم بأحكام قضائية

في تطور يثير الكثير من الأسئلة حول طرق تدبير الشأن العام داخل الجماعات الترابية، كشفت مصادر مطلعة عن خيوط شبهات فساد معقدة داخل أقسام الشؤون القانونية بعدة جماعات مغربية، تمت الإشارة إليها في تقارير أنجزتها فرق تفتيش تابعة للمجالس الجهوية للحسابات بكل من الدار البيضاء-سطات، الرباط-سلا-القنيطرة، بني ملال–خنيفرة وفاس–مكناس.

هذه التقارير، التي توصف داخل مصادر مطلعة بـ”المزلزلة”، رصدت اختلالات جسيمة في معالجة المنازعات القضائية، ما تسبب في انفجار عدد الأحكام الصادرة ضد الجماعات، وتحميلها تعويضات بملايين الدراهم لفائدة أطراف مختلفة.

شبهات تواطؤ.. منتخبون ضد جماعاتهم

أخطر ما وقف عليه قضاة الحسابات يتمثل في شبهات تواطؤ منتخبين سعوا ـ بشكل مباشر أو عبر وسطاء ـ إلى استصدار وتنفيذ أحكام قضائية ضد الجماعات التي ينتمون إلى مجالسها. مصادر مطلعة تحدثت عن حالات “تضارب مصالح واضحة”، مع محاباة حزبية في منح عقود الدفاع لمكاتب محاماة بعينها، رغم توجيهات صارمة من وزارة الداخلية بخفض الأتعاب غير المبررة.

- Ad -

وتؤكد المصادر أن بعض الرؤساء لم يكتفوا بتجاهل تعليمات الوزارة، بل عمدوا إلى توقيع عقود دفاع بمبالغ تتجاوز بكثير حجم الملفات الرائجة، فيما استفاد محامون مقرّبون سياسيا من هذه الوضعية.

سجلات مختفية وموظفون غائبون… وخسائر بالملايير

تقارير التفتيش لم تتوقف عند الشبهات السياسية، بل رصدت مشاكل كارثية في التدبير الإداري، منها:

غياب سجلات محينة للمنازعات القضائية.

فقدان وثائق أساسية داخل ملفات حساسة.

غياب تام لموظفين مكلفين بتتبع القضايا أمام المحاكم.

هذه الفوضى أدت إلى خسارة جماعات عديدة لدعاوى قضائية مهمة، خصوصا في الملفات الضريبية المرتبطة بالرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، وهو ما فاقم العجز المالي لعدد من الجماعات التي وجدت نفسها تحت ضغط تعويضات ضخمة.

الوضع بلغ حد لجوء رؤساء إلى مراسلة الولاة والعمال طلبا لـ”مساعدة قضائية” أمام موجة الأحكام التي انهالت عليهم.

القانون واضح… لكن الجماعات تتجاهله

القانون التنظيمي 113.14 يمنح لرئيس المجلس الجماعي حق الدفاع عن مصالح الجماعة دون الرجوع إلى دورة المجلس، لكنه يمنع ذلك إذا كانت القضية تمسه أو أحد ذويه. غير أن المفتشين سجلوا غياب احترام لهذه المقتضيات في عدة مناسبات.

كما تم تجاهل توجيهات وزارة الداخلية التي دعت إلى الاستعانة بالوكيل القضائي للجماعات الترابية وتفعيل منصة “منازعة” الإلكترونية التي وضعت لمراقبة وتتبّع الملفات بشكل مؤسساتي.

ملفات لا تصل إلى الدورات… وقرارات تتخذ في الخفاء

قضاة الحسابات استفسروا رؤساء جماعات خصوصا في ضواحي المدن الكبرى، حول عدم إدراج ملفات المنازعات والتعويضات ضمن الجلسات الرسمية للمجالس، ما اعتبره المفتشون “تدبيرا انفراديا” يهدد ميزانيات الجماعات ويربك مشاريعها لسنوات.

كما اعتمد المفتشون على شكايات مقدمة من مستشارين في المعارضة كشفت عن “رهن” بعض الرؤساء لجماعاتهم في منازعات طويلة الأمد، دون أي شفافية مالية أو قانونية.

مقالات ذات صلة