وسط جدل متصاعد داخل الأوساط السياسية والإعلامية في مدريد، خرج خوسيه مانويل غارثيا-مارغايو، وزير الخارجية الإسباني الأسبق، بتصريحات غير مألوفة حملت نبرة نقد حاد للرؤية الاستراتيجية لبلاده، معتبرا أن إسبانيا “تتخبط خارجيا”، بينما يتقدم المغرب بخطى محسوبة تربك صناع القرار في مدريد.
مارغايو، وفي حوار مطول مع صحيفة إل ديباتي، قال إن بلاده فقدت تأثيرها الطبيعي في محيط دولي شديد التعقيد، مؤكدا: “إسبانيا ليست جزءا من صناعة القرار العالمي… وجودنا محدود لأننا بلا سياسة خارجية واضحة”. لكن ما أثار النقاش أكثر هو وصفه المغرب بأنه التهديد الاستراتيجي الأول لإسبانيا، متقدما – في نظره – على روسيا والصين وحتى التحولات المناخية التي تستأثر عادة بتقييمات المخاطر.
ويرى المسؤول الإسباني السابق أن الرباط تتحرك بمنطق استراتيجي بعيد المدى، خصوصا فيما يتعلق بمدينتي سبتة ومليلية، وبناء شراكات اقتصادية وعسكرية متسارعة مع القوى العالمية. وقال إن مدريد قد تكون غير مدركة بالكامل لعمق التحول المغربي، وهو ما يتطلب مراجعة هادئة للسياسات الحالية تجاه الجار الجنوبي.
وفي الداخل، لم يفوت مارغايو فرصة توجيه سهام النقد لحكومة بيدرو سانشيز، معتبرا الديمقراطية الإسبانية “مختلة بنيويا”، ومتهما رئيس الحكومة بـ”تقديم تنازلات بلا حدود” للحركات الانفصالية ضمانا لاستمرار حكمه. أكثر من ذلك، حذر الوزير الأسبق من مخاطر النظام المالي الجديد الذي تطالب به كاتالونيا، معتبرا أنه قد يهدد بشكل مباشر مستقبل نظام التقاعد الإسباني.
مارغايو ذهب أبعد من ذلك، متوقعا أن القوى الكبرى – الولايات المتحدة، روسيا، والصين – ستكون قادرة على إيجاد أرضية تفاهم، بينما قد تجد إسبانيا نفسها خارج دوائر النفوذ إذا استمرت بدون رؤية واضحة.
وتأتي تصريحاته في وقت يعرف فيه التعاون المغربي الإسباني منحى تصاعديا، مع التحضير لاجتماع رفيع المستوى بين الحكومتين في مدريد يومي 3 و4 دجنبر المقبل. ورغم ذلك، لا تزال بعض الأصوات داخل الساحة السياسية في إسبانيا تتعامل مع تقدم المغرب بمنطق تهديدي، في موقف يبدو أقرب إلى اعتبارات داخلية منه إلى موقف رسمي يعكس توجه الدولة.


