الأكثر مشاهدة

افتتاح أول “مركز إفريقي للقهوة” بطنجة المتوسط لتحرير إنتاج القارة من هيمنة الوسطاء الأوروبيين

في خطوة وصفت بأنها تحول استراتيجي غير مسبوق داخل القارة، افتتح المغرب بمركب طنجة المتوسط أول مركز إفريقي للقهوة، بمهمة محددة وواضحة: إعادة الاعتبار للإنتاج الإفريقي داخل السوق العالمي، وتحريره من سلاسل الوساطة الطويلة التي ظلت لعقود تستنزف قيمته الاقتصادية.

المركز الجديد جاء برؤية تقطع مع الأساليب القديمة التي كانت تعتمد، وفق المشرفين عليه، على «سلاسل تجارية متدرجة ومتداخلة، خاضعة لهيمنة وسطاء أوروبيين». اليوم، يدخل هذا المشروع مرحلة جديدة، تجعل من المغرب حلقة رئيسية في مسار وصول القهوة الإفريقية إلى أوروبا وأمريكا وآسيا دون تدخل أطراف إضافية تضعف مكاسب المنتجين.

تحويل جذري في مسار القهوة الإفريقية

آلية العمل التي يتبناها المركز تقوم على استقبال المحاصيل القادمة من مختلف الدول الإفريقية، دمجها، إخضاعها لفحوص جودة دقيقة، ثم تجهيزها بالكامل داخل منشآت طنجة المتوسط قبل شحنها مباشرة نحو كبار المحمصين عبر العالم. النموذج، كما يقدمه القائمون عليه، يضمن «شفافية في التتبع، جودة ثابتة، ودخلا أكثر عدلا للفلاح الإفريقي».

- Ad -

وتأتي هذه الخطوة في وقت يحتفظ فيه القارة بمكانة بارزة في إنتاج القهوة، إذ تسجل إثيوبيا وحدها ما بين 470 ألف و500 ألف طن سنويا، ويعتمد أكثر من 15 مليون مزارع على هذه الزراعة. كما تبقى أوغندا وكوت ديفوار وتنزانيا وكينيا ضمن قائمة البلدان المنتجة، رغم أن القيمة المضافة لطالما جرى استحصالها خارج إفريقيا، حيث تتم عمليات التحضير والتجهيز والتعبئة في أسواق أجنبية.

المركز يؤكد أنه سيخضع كل مرحلة لنظام مراقبة موحد، يضمن إبراز أصل كل دفعة بدقة، مع احترام بروتوكولات واضحة للتموين، وممارسات دقيقة في إعداد الشحنات. هذه المعايير تتماشى مع الطلب العالمي المتزايد على القهوة ذات المنشأ المعلوم، من قبيل الأرابيكا الإثيوبي والفاصولية التانزانية “بيبيري” والـ”AA” الكينية، إضافة إلى رغبة المستهلكين في منتجات مستدامة ذات بعد إنساني.

كما ينسجم المشروع مع توجهات اتفاقية التجارة الإفريقية القارية الحرة، التي تستهدف تعزيز مكانة القارة في سوق المواد الفلاحية المصنعة، وإعادة بناء قيمة مضافة حقيقية محليا.

طنجة المتوسط.. منصة تعيد توزيع الأدوار

بفضل موقعه المحوري وتطوره اللوجستي، يتحول ميناء طنجة المتوسط إلى بوابة جديدة للدول الإفريقية المنتجة، حيث ينتظر أن يتيح لها خدمات تصدير أسرع وأكثر تنافسية. وفي الأسابيع المقبلة، يستعد المشرفون للكشف عن أولى اتفاقيات الجمع، وبرنامج الاستغلال، والشراكات الصناعية واللوجستية التي ستحدد وتيرة انطلاق عمليات التصدير.

بهذه الخطوة، يدخل المغرب مرحلة جديدة من لعب الأدوار الإفريقية الكبرى، ليس فقط كبوابة لوجستية، ولكن كفاعل يشارك فعلا في إعادة صياغة مسارات التجارة العالمية للقهوة، أقدم وأشهر مشروب على الإطلاق.

مقالات ذات صلة