في لحظة ينتظرها سكان الدار البيضاء منذ سنوات، يطل الطريق السيار الجديد تيط مليل–برشيد بطول يصل إلى 30 كيلومترا، ليعيد رسم مشهد التنقل داخل أكبر حاضرة اقتصادية في المغرب. مشروع يوصف بأنه نقلة نوعية في مواجهة شبح الازدحام الذي طالما أنهك السائقين وحول السفر القصير إلى معركة يومية مع الوقت.
هذا الشريان الطرقي الجديد، الذي جرى تصميمه وفق معايير دولية حديثة، لا يقتصر دوره على تخفيف الضغط عن المحاور الكبرى، بل يقدم للمسافرين منفذا بديلا وسريعا نحو مطار محمد الخامس، في خطوة من شأنها منح المدينة متنفسا كان مفقودا منذ سنوات.
شرقي الدهري، المكلف بالأشغال في شركة ADM Projet، أكد في تصريح صحفي أن الهدف المركزي لهذا الإنجاز هو ربط الطريق السيار المداري للدار البيضاء مباشرة بالطريق السيار الرابط بين الدار البيضاء ومراكش، أي خلق مسار مختصر وواضح لمستعملي الطريق القادمين من شمال وشرق البلاد والمتجهين نحو الجنوب أو الوسط. وقال إن هذا الربط سيمكن السائقين من ربح وقت مهم وتقليص المسافة بشكل ملحوظ.
وأشار الدهري إلى أن المشروع سيخفف، وبشكل ملحوظ، من الضغط الكبير الذي تعرفه كل من الطريق السيار المداري للدار البيضاء وطريق الدار البيضاء–مراكش، مبرزا أن هذا الطريق الجديد سيعزز انسيابية الحركة ويوفر شروط تنقل أكثر أمنا وراحة.
وبخصوص الكلفة الإجمالية، أوضح المتحدث ذاته أن المشروع تطلب استثمارا ضخما وصل إلى 2.5 مليار درهم، لكنه يحمل خصوصية غير مسبوقة، إذ يعتبر أول طريق سيار في المغرب يفتتح منذ البداية بثلاثة مسارات في كل اتجاه، وهو ما يعكس طموحا كبيرا في تطوير البنية التحتية الوطنية.
كما يتضمن المشروع مجموعة من البدالات الأساسية، من بينها بدال الطريق الوطني رقم 9 الذي سيتيح ربطا مباشرا بمطار محمد الخامس، إضافة إلى بدال مديونة على مستوى الطريق الجهوية رقم 315، ما يمنح مستعملي الطريق خيارات متعددة للحركة دون الحاجة إلى الدوران عبر محاور مكتظة.
وأبرز الدهري أن وتيرة الإنجاز كانت غير مسبوقة، إذ تم تقليص مدة الأشغال بخمسة أشهر كاملة عن المدة المقررة في البداية، مع إيلاء اهتمام خاص لجانب السلامة الطرقية، حيث تم لأول مرة في المغرب اعتماد حواجز جانبية من جيل جديد توفر حماية أكبر لمستعملي الطريق.
بهذه المعطيات، يبدو أن الطريق السيار تيط مليل–برشيد ليس مجرد مشروع بنية تحتية، بل رهان استراتيجي على إعادة تنظيم حركة السير داخل محور حيوي يشهد كثافة غير مسبوقة. لكن يبقى السؤال المطروح: هل سينجح هذا الطريق فعلا في إنهاء معاناة البيضاويين مع الازدحام؟ أم أننا أمام حل جديد سرعان ما سيبتلعه التدفق الهائل للعربات؟


