الأكثر مشاهدة

تداريب عسكرية في مليلية.. علامة استعداد أم رسالة مبطنة للمغرب؟

في وقت تستمر فيه المنطقة في إعادة ترتيب حساباتها الأمنية والجيوسياسية، اختار الجيش الإسباني أن يرفع منسوب الجاهزية بوحدات متمركزة داخل الثغر المحتل مليلية، في خطوة تعيد طرح أسئلة قديمة متجددة حول خلفيات هذا التحرك وتوقيته. فقد أعلن الباطالون Alhucemas I/52، التابع لـ GREG 52، أنه أجرى خلال الأيام الأخيرة سلسلة تدريبات مكثفة شملت الرماية بصواريخ مضادة للدروع، وتمارين ميدانية معروفة بـ”Alpha”، تقوم على السيطرة على مناطق، إقامة حواجز، تفتيش مركبات، والتعامل مع تهديدات غير نظامية.

هذه التمارين، حسب الجيش الإسباني، تدخل ضمن “خطة تدريب دائمة” لرفع الجاهزية العملياتية لعناصر الوحدة. غير أن مضمونها، وطبيعة السيناريوهات التي تحاكي “التمرد” والسيطرة على أحياء، يعيدان إحياء النقاش حول العلاقة المتوترة التي ترسمها بعض القطاعات السياسية والإعلامية في مدريد تجاه المغرب، خاصة في سياق استطلاع رأي مثير كشف أن 55% من الإسبان يعتبرون المغرب التهديد الأول لبلادهم، متقدما على روسيا والولايات المتحدة.

هذا التحول اللافت في المزاج الشعبي الإسباني لا ينفصل، وفق الصحافة الإيبيرية، عن تراكمات السنوات الأخيرة، خصوصا أزمة 2021 حين شهدت سبتة تدفق عدد كبير من المهاجرين، وهو حدث فسرته بعض الأصوات في مدريد كـ”ضغط سياسي” من الرباط. ورغم استعادة الهدوء بعد إعلان الحكومة الإسبانية دعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء، إلا أن مساحات الشك ظلت قائمة، خصوصا لدى فئات تنتمي إلى اليمين الإسباني الذي ينظر إلى العلاقات مع الرباط بعيون حذرة.

- Ad -

الاستطلاع الذي شمل ألف شخص، بمن فيهم سكان سبتة ومليلية، أبرز أيضا انقساما سياسيا واضحا في كيفية percevoir المغرب: 56% من ناخبي اليمين يرونه تهديدا، مقابل 29% فقط لدى اليسار. وهو ما يعكس—بحسب خبراء إسبان—أن جزءا من هذا التخوف مبني على تمثلات تاريخية ونقاشات سياسية أكثر منه على معطيات واقعية.

ولا يخفي محللون في مدريد أن جزءا من هذه الحساسية ناجم عن كون الثغرين المحتلين خارج مظلة الحماية المباشرة لحلف الناتو، ما يشعر بعض القطاعات السياسية بأن أي توتر محتمل مع المغرب سيجعل سبتة ومليلية في “واجهة المواجهة”. وقد زاد المشهد تعقيدا، وفق الباحث Ignacio Molina، عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهو الذي ينظر إليه قطاع من الإسبان بوصفه حليفا للمغرب، ما أدى إلى مضاعفة نسبة من يعتبرون الولايات المتحدة تهديدا.

وبين تدريبات ميدانية مكثفة حول “السيطرة على مناطق”، وصواريخ مضادة للدبابات يتم اختبارها على بعد كيلومترات من الحدود المغربية، واستطلاعات رأي تعيد فتح ملفات حساسة، يبدو أن جزءا من المؤسسة الإسبانية يصر على إبقاء علاقة الجوار في دائرة “الحيطة والشك”، رغم الخطوات الدبلوماسية التي تعلن التطبيع المتواصل للعلاقات بين الرباط ومدريد.

مقالات ذات صلة