في تطور مثير يعيد ملف تدبير الممتلكات الجماعية إلى واجهة الجدل، أنهت لجان التفتيش التابعة للمجالس الجهوية للحسابات إعداد تقارير دقيقة رصدت ما وصفته مصادر مطلعة بـ”الخروقات المقلقة” في طرق تفويت وكراء العقارات الجماعية بعدد من الجماعات، خصوصا داخل نفوذ جهات الدار البيضاء–سطات والرباط–سلا–القنيطرة وبني ملال–خنيفرة.
هذه التقارير، التي انتهت إلى تسجيل وجود “مقررات معيبة” صادرة عن مجالس منتخبة، كشفت لجوء عدد من الجماعات إلى التفويت المباشر خارج المساطر القانونية، في التفاف واضح على القرار المشترك بين وزارتي الداخلية والمالية، الذي يُلزم منذ 2022 باعتماد المزايدة بملف تعهدات كمسطرة أساسية للتفويت والكراء والاحتلال المؤقت.
ولم تتوقف الملاحظات عند حدود الجماعات فقط، بل امتدت لتسجل تقاعس بعض المسؤولين الترابيين عن توجيه الملاحظات الضرورية بشأن قرارات مشبوهة، وهو ما فتح الباب أمام منتخبين للتمادي في تمرير مصالح غير مشروعة لفائدة مستفيدين بعينهم، بينهم منعشون ومقاولون وموظفون جماعيون سابقون.
ووفق ما تم التأكد منه، فقد عاينت اللجان إدراج مجالس عديدة لنقط متعلقة بالبيع وإعادة تدوير الممتلكات الجماعية بوتيرة لافتة، وهو ما أثار شبهات حول استغلال النفوذ والسعي لتمرير صفقات عقارية تحت غطاء “التدبير اليومي”.
ولم يقتصر الأمر على التفويتات المباشرة، بل أوردت التقارير أيضا خروقات واسعة في احترام القانون 57.19 المتعلق بأملاك الجماعات الترابية، بدءا من غياب مسك دقيق لسجلات الممتلكات، وصولا إلى تجاوز إجراءات الخبرة والمزايدة والتعويض عن الأضرار.
وفي المقابل، وثقت اللجان حالات رفض صريح من طرف عمال عمالات وأقاليم التأشير على بعض المقررات المثيرة للشك، خصوصا في ضواحي الدار البيضاء حيث حاولت مجالس تحويل عقارات جماعية إلى ملكية خواص بطرق غير سليمة، ما دفع وزارة الداخلية إلى إيفاد لجان بحث مركزية لاستجلاء حقيقة تلك التفويتات.
هذا الحراك الرقابي يعيد إلى الواجهة سؤال الشفافية في تدبير الأملاك الجماعية، ويطرح تساؤلات قوية حول المسؤوليات السياسية والإدارية في حماية المال العام من العبث والريع العقاري، في انتظار ما ستكشفه التقارير الرسمية فور نشرها.


