الأكثر مشاهدة

زلزال صامت يضرب منتخبين نافذين.. والحجز على الثروات يبدأ

في تطور لافت يعيد ملف الفساد المحلي إلى دائرة الضوء، كثفت السلطات الأمنية خلال الأسابيع الأخيرة عمليات الحجز التحفظي على ممتلكات منتخبين محليين يواجهون متابعات أمام غرف جرائم الأموال بمحاكم الاستئناف. خطوة وصفت بأنها جزء من مسار جديد يهدف إلى تجفيف منابع الإثراء غير المشروع والحد من شبكات تبييض المال العام التي استعملت، لسنوات، في تغذية مشاريع خاصة ذات أرباح ضخمة.

مصادر مطلعة كشفت أن الفرق الجهوية للشرطة القضائية بكل من الدار البيضاء وفاس باشرت تنفيذ تعليمات صارمة صادرة عن شعب غسل الأموال، استهدفت الحجز على عقارات ومنقولات تعود للمنتخبين وأفراد من عائلاتهم. هذه المعطيات ترتبط بملفات معروضة على القضاء أو في طور الإحالة، وتفيد بوجود مؤشرات قوية حول ضخ أموال عمومية مختلسة داخل مشاريع استثمارية خاصة.

ووفق المصادر ذاتها، فإن التحقيقات كشفت عن نمط فساد يقوم على استغلال الصفقات العمومية والعقارات الجماعية لفائدة شركات يمتلكها المنتخبون أنفسهم أو تسجل بأسماء زوجاتهم وأبنائهم، خصوصا في قطاعات النظافة والحراسة وتسيير الحدائق والأمن الخاص وكراء السيارات، إضافة إلى مقاه ومحلات تجارية وشركات خدماتية أخرى.

- Ad -

وتفيد المعطيات أن الأسلوب المفترض يعتمد على تضخيم قيمة الصفقات أو توجيهها بشكل انتقائي، ما يجعل تتبع المسار الحقيقي للمال العام أكثر تعقيدًا، خاصة عند تحويله إلى شركات خاصة تبدو، في الظاهر، بعيدة عن المنتخب أو المسؤول العمومي.

كما رصدت التحقيقات، وفق المصادر نفسها، تحولات مفاجئة في الثروات الشخصية والعائلية لبعض المنتخبين الذين تعاقبوا على تسيير جماعات كبرى، وهي تحولات لا تعكس الدخل القانوني المصرح به. في بعض الحالات، جرى تسجيل شبهات تتعلق بالاستيلاء على عقارات جماعية أو الاستفادة من تفويتات بأسعار تفضيلية قبل إعادة استثمارها في مشاريع ذات مردودية عالية.

وتشير المعلومات المتوفرة إلى استعمال بعض المعنيين شركات واجهة مسجلة بأسماء أقارب أو شركاء، بينما يعود التسيير الفعلي للمنتخب نفسه، في محاولة لتمويه مصدر الأموال وإخفاء الهوية الحقيقية للمستفيد.

وتعتمد الفرق الجهوية للشرطة القضائية على منهجية دقيقة تقوم على تقاطع معطيات مالية وعقارية، تشمل سجلات الصفقات العمومية وبيانات المحافظة العقارية والتحويلات البنكية والعقود التجارية، لرسم خريطة واضحة لمسار المال العام منذ خروجه من خزائن الجماعات الترابية وصولا إلى حسابات الأفراد والشركات.

هذه العملية تستند إلى مقتضيات قانون مكافحة غسل الأموال، الذي يعتبر الأموال المتحصلة من جرائم الاختلاس والتبديد أموالا غير مشروعة متى تم تمويه مصدرها أو إدماجها في الدورة الاقتصادية. كما يجري تنسيق وثيق مع هيئات المراقبة المالية، وعلى رأسها المجالس الجهوية للحسابات، التي سبق أن رصدت اختلالات خطيرة في التسيير المالي لعدد من الجماعات.

التحركات الحالية توحي بأن مرحلة جديدة بدأت في ملف محاسبة المنتخبين، حيث لم تعد المتابعات القضائية وحدها كافية، بل أصبح تجفيف منابع الثروة المشبوهة جزءا من المعادلة. فهل تكون هذه البداية لتغيير أعمق في طريقة تدبير المال العام محليا؟

مقالات ذات صلة