في خطوة إجرائية حاسمة، أعلن مجلس المنافسة، بتاريخ 11 ديسمبر، عن تلقيه إشعارا رسميا بمشروع تركيز اقتصادي يتعلق بإنشاء شركة مساهمة مشتركة تحت اسم “المنطقة اللوجستية والصناعية المندمجة لزناتة ش.م” (Parc Logistique et Industriel Intégré de Zenata SA). تمثل هذه العملية تقدما مؤسسيا في مسار تنفيذ واحد من أضخم الأوراش اللوجستية التي يجري تطويرها حاليا على مستوى جهة الدار البيضاء-سطات.
تحالف ضخم للقطاع العام يقرر المصير
ستجمع الشركة المشتركة الجديدة خمسة فاعلين عموميين رئيسيين، يمثلون ركائز البنية التحتية واللوجستية في المملكة، وهم: الوكالة الوطنية للموانئ (ANP)، والمكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF)، وجهة الدار البيضاء-سطات، والوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية (AMDL)، وشركة تهيئة زناتة (SAZ) التابعة لمجموعة صندوق الإيداع والتدبير (CDG).
وتهدف هذه الكيانية الجديدة، التي تأسست في شكل شركة مساهمة، إلى تطوير وتهيئة وتسويق وإدارة المنصة اللوجستية والصناعية المندمجة المستقبلية المقرر إنشاؤها في زناتة. ويأتي تقديم الملف إلى سلطة المنافسة بعد أسابيع من مصادقة الحكومة، في نوفمبر الماضي، على مرسوم إحداث الشركة صاحبة المشروع (PLIIZ).
يقع المشروع في منطقة عين حرودة، في قلب الممر الصناعي الحيوي بين الدار البيضاء والمحمدية، ويعتبر استثمارا بقيمة 2.8 مليار درهم، ويمتد على مساحة تزيد عن 322 هكتارا. ويشكل هذا المشروع إحدى الركائز الأساسية للاستراتيجية الوطنية لإعادة التصنيع وتحديث اللوجستيك، بهدف تحويل زناتة إلى “قطب متعدد الوسائط” (Hub Multimodal).
ويبلغ رأس مال الشركة، الذي سيتم رفعه من 300 ألف درهم إلى 1.572 مليار درهم، حصصا متفاوتة، تتقدمها الوكالة الوطنية للموانئ بنسبة 44%، تليها المكتب الوطني للسكك الحديدية (24%)، وشركة تهيئة زناتة (16%)، وجهة الدار البيضاء-سطات (13%)، وأخيرا الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية (3%).
الجهة تتحول إلى “شريك في الأرباح”
ومن أبرز الجوانب السياسية في هذا المشروع هو المشاركة المالية لجهة الدار البيضاء-سطات، التي تمت الموافقة عليها خلال الدورة العادية لشهر يوليو 2025. إذ قررت الجهة، التي يرأسها السيد عبد اللطيف معزوز، استثمار 250 مليون درهم في شكل مساهمة رأسمالية ومنح.
ويؤكد هذا القرار رغبة الجهة في الحصول على “صفة المساهم” بدلا من مجرد “المساهم”، لتصبح بذلك “شريكا مالكا” للقيمة التي سيتم خلقها، مع إمكانية إعادة استثمار الأرباح المستقبلية في مشاريع تنموية أخرى.
من الناحية الوظيفية، سيتمحور مشروع (PLIIZ) حول شبكة متكاملة لربط ميناء الدار البيضاء والطريق السيار والشبكة السككية الوطنية، وسيضم ميناء جافا (Port Sec)، ومنطقة لوجستية واسعة، ومنطقة صناعية، وقطبا للسكك الحديدية مخصصا للشحن.
ومن المنتظر أن تساهم هذه المنصة في تعزيز تنافسية سلاسل القيمة الوطنية، وتغيير موقع الدار البيضاء كمركز لوجستي قاري. ولا تتوقف طموحات الاستثمار عند مرحلة التهيئة فقط؛ إذ من المتوقع أن يتم حشد نحو 6 مليارات درهم إضافية مستقبلا في شكل توطين لمنشآت صناعية ولوجستية، مع توقع خلق حوالي 25,000 منصب شغل مباشر وغير مباشر عند التشغيل الكامل للمنصة.


