عاد ملف الأمن الهش في منطقة الساحل ليفتح على أسئلة محرجة، بعد تقرير مثير نشره موقع “ساحل إنتليجنس” المتخصص في شؤون المنطقة، تحدث فيه عن معطيات غير مسبوقة تتعلق بتشكيل وحدة خاصة ينسب إنشاؤها إلى النظام العسكري الجزائري، وتتهم بتنفيذ عمليات تخريب سرية خارج الحدود.
ووفق ما أورده التقرير، فإن هذه الوحدة، التي يشار إليها باسم “KL17” وتحمل أيضا تسمية “خالد ابن الوليد”، جرى تشكيلها قبل نحو عامين داخل قاعدة معزولة في صحراء جنوب الجزائر، قبل أن تنسب إليها، في الآونة الأخيرة، تحركات ميدانية داخل دول الساحل، خصوصا مالي والنيجر وبوركينا فاسو، اعتمادا على معلومات من مصادر إفريقية وإسرائيلية.
ويذكر المصدر ذاته أن الوحدة تضم حوالي 320 عنصرا جرى انتقاؤهم بعناية، وتعمل وفق تنظيم شبه عسكري قائم على فرق مستقلة، تتوزع مهامها بين الاقتحام والتخريب وجمع المعلومات الاستخباراتية، إلى جانب تشغيل الطائرات المسيّرة، والحرب الإلكترونية، وعمليات القنص والتسلل.
ويضيف التقرير أن “KL17” تتوفر على تجهيزات متطورة يصعب تتبعها، تشمل أسلحة خفيفة ومتوسطة، وطائرات مسيّرة تكتيكية مزودة بقدرات تشويش، ومعدات رؤية ليلية، فضلا عن مركبات خفيفة مدرعة مهيأة للعمل في المناطق الحدودية الوعرة.
وبحسب “ساحل إنتليجنس”، فإن مهام هذه الوحدة تتركز على زعزعة استقرار محدود عبر استهداف بنى تحتية حيوية بدول الساحل، وجمع معلومات حول تحركات الجيوش المجاورة، إضافة إلى تنفيذ عمليات نفسية تروم إرباك القوات المحلية والسكان في المناطق الحدودية.
ويشير التقرير إلى أن اعتماد وحدة غير رسمية يمنح هامش تحرك أوسع، مع تقليص الكلفة السياسية لأي عمليات محتملة، وهو ما أثار، بحسبه، مخاوف مراقبين غربيين من تنفيذ أنشطة عابرة للحدود دون تحمّل مسؤولية مباشرة.
وفي السياق ذاته، أورد الموقع أن مالي عززت مراقبة حدودها، بعدما جرى اعتراض اتصالات توحي بوجود “فاعل عالي التنظيم” ينشط بالمنطقة، في إشارة غير مباشرة إلى أنشطة الوحدة المذكورة. كما نقل التقرير عن “ضابط في الدرك الوطني الجزائري” تحذيره من روابط عملياتية محتملة بين هذه الوحدة وجماعات جهادية تنشط بالساحل، من بينها القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، أو فصائل طوارقية موالية للجزائر، إضافة إلى عناصر من حزب الله اللبناني وعملاء من إيران، تتراوح – بحسب المصدر – بين تبادل معلومات والتنسيق لهجمات مشتركة وتسليم أسلحة.
وإذا ما ثبتت صحة هذه المعطيات، فإنها تطرح مفارقة لافتة في الخطاب الرسمي الجزائري، الذي انتقد خلال السنوات الأخيرة بشدة وجود “المرتزقة” في مالي ودول الساحل، وهاجم على وجه الخصوص الفيلق الروسي، معتبرا حضوره عاملا لزعزعة الاستقرار وتقويض سيادة الدول.
كما تعكس هذه المعطيات، وفق التقرير، تناقضا مع المواقف المعلنة للجزائر في المحافل الإقليمية والدولية، حيث تقدم نفسها كمدافع عن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، في وقت تنسب إليها، حسب المصدر ذاته، ممارسات تعتمد وحدات غير نظامية لتنفيذ عمليات عابرة للحدود، ما يفتح الباب أمام تساؤلات واسعة حول حقيقة أدوار الفاعلين الإقليميين في مشهد ساحلي شديد التعقيد.


