في تصريح غير مسبوق، كشف عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن معطى شخصي ظل طي الكتمان لسنوات، ويتعلق بتعويض مالي تلقاه من الملك محمد السادس عقب مغادرته رئاسة الحكومة سنة ألفين وستة عشر، بعد تعثر مشاورات تشكيل الولاية الحكومية الثانية.
بنكيران، الذي كان يتحدث نهاية الأسبوع المنصرم خلال لقاء حزبي بمدينة العيون، قال إن الملك بعث له تعويضا بقيمة مليون درهم، مؤكدا أن هذا المبلغ يظل الأكبر الذي حصل عليه في حياته. التصريح، الذي جاء بأسلوبه المباشر والمعهود، أثار تفاعلا واسعا داخل القاعة، كما سرعان ما امتد صداه إلى النقاش العمومي.
وخاطب الأمين العام لحزب “المصباح” مناضليه بلهجة صريحة قائلا: “أنا الأمين العام ديالكم، وعمر المليار ماشفتو، أكبر مبلغ شديتو هو مليون درهم لي صيفطلي سيدنا بعد المغادرة ديالي للحكومة”، في إشارة واضحة إلى مساره السياسي الذي، حسب تعبيره، لم يكن مدخلا لتكديس الثروة.
ويأتي هذا التصريح في سياق حرص بنكيران، خلال خرجاته الأخيرة، على تقديم روايته الخاصة لمرحلة ما بعد الإعفاء من رئاسة الحكومة، مبرزا الجانب الإنساني والسياسي لتجربته، ومؤكدا أن خروجه من السلطة لم يكن مقرونا بأي امتيازات استثنائية، باستثناء هذا التعويض الذي اعتبره لحظة فارقة في مساره الشخصي.
ويقرأ متابعون للشأن السياسي هذا التصريح في سياق أوسع من مجرد بوح شخصي، إذ يرون فيه توظيفا محسوبا لعلاقة بنكيران بالمؤسسة الملكية، في لحظة سياسية يسعى فيها الرجل إلى استعادة جزء من التعاطف الشعبي الذي ميز بداياته. فاستحضار التعويض الملكي، مقرونا بخطاب الزهد في المال، لا ينفصل – في نظر هؤلاء – عن محاولة رسم صورة السياسي القريب من الملك، دون أن يكون من “أهل الامتيازات”، وهي صورة لطالما استثمرها بنكيران انتخابيا في مخاطبة فئات واسعة من الناخبين.
وبين من يعتبر الأمر شهادة صراحة، ومن يراه رسالة سياسية موجهة بعناية، يبقى تصريح العيون مثيرا للأسئلة أكثر مما يقدم أجوبة، ويعيد طرح النقاش حول الحدود الفاصلة بين السرد الشخصي، واستثمار الرمزية الملكية في الخطاب الحزبي، خاصة في سياق سياسي يتقدم فيه بنكيران بخطى محسوبة نحو استعادة الحضور في المشهد الانتخابي.


