لم تكن أسرة من إقليم الفقيه بن صالح تتصور أن فاجعة الفقد التي عاشتها قبل أسابيع ستتحول إلى واحدة من أكثر الوقائع غرابة وإثارة للدهشة. فبعد أن أعلنت وفاة أحد أفرادها بشكل رسمي، وأقيمت مراسيم الجنازة كاملة، وتلقت العائلة العزاء من الأقارب والجيران، عاد الرجل المعني ليطرق باب الحياة من جديد، حيا يرزق.
القصة بدأت حين تداولت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي خبرا عن العثور على جثة شخص مجهول الهوية كان يعيش حالة تشرد بمدينة وادي زم. وبعد نقل الجثة إلى مستودع الأموات بالمستشفى الإقليمي، انتقلت أسرة من الفقيه بن صالح لمعاينتها، ليجمع أفرادها على أنها تعود لابنهم المختفي. واستكملت الإجراءات القانونية، قبل أن يوارى الجثمان الثرى بدوار أولاد سعد بجماعة بني وكيل، وسط أجواء حزن وأسف، وتقام مراسيم العزاء وفق الأعراف المحلية.
غير أن مجريات الأمور أخذت منحى غير متوقع، بعدما انتشر، الخميس الماضي، خبر جديد يفيد بالعثور على الشخص ذاته حيا بإحدى القرى التابعة لجماعة أهل مربع، غير بعيد عن مسقط رأسه. الخبر أحدث استنفارا داخل الأسرة، التي انتقلت على وجه السرعة إلى المكان، لتكون الصدمة أكبر حين وجدت ابنها، البالغ من العمر 50 سنة، في صحة جيدة، وقد غمرته مشاعر الشوق والحنين للعودة إلى أحضان عائلته.
الأسرة، التي عاشت أياما ثقيلة من الألم والحزن، لم تقدم على إعادته إلى المنزل مباشرة، مفضلة التريث إلى حين التأكد من صحة جميع المعطيات، والتشاور مع المقربين، قبل أن تنفتح أبواب الفرح مجددا بعد فقدان ظن الجميع أنه أبدي.
هذه الواقعة غير المسبوقة استنفرت السلطات المحلية والأمنية بكل من الفقيه بن صالح وبني وكيل، كما جرى إشعار مصالح الأمن بوادي زم لإعادة ترتيب الإجراءات القانونية. وتشمل الخطوات المرتقبة إخضاع الملف لتدقيق جديد، من ضمنه تحليل الحمض النووي، لتحديد هوية الجثة التي دفنت عن طريق الخطأ، وفتح تحقيق أمني للكشف عن ظروف وملابسات الوفاة الحقيقية للشخص المتوفى، في واقعة ما تزال فصولها مفتوحة على كل الاحتمالات.


