في قرار يحمل أكثر من دلالة قانونية ومجتمعية، أيدت محكمة الاستئناف في لاهاي الحكم الابتدائي الصادر في حق أحد الأئمة، بعد إدانته بسبب تصريحات وصفت بالمسيئة تجاه جماعة معينة، كان قد أطلقها خلال مناسبة عزاء داخل مسجد يعرف باسم “المدينة”.
المحكمة الهولندية شددت، في تعليلها للقرار، على أن الخطاب الصادر عن شخصيات دينية ذات تأثير واسع لا يمكن التعامل معه باعتباره رأيا عابرا أو ممارسة مطلقة لحرية التعبير، بل يخضع لمعايير أكثر صرامة، نظرا لما قد يحدثه من آثار مباشرة على السلم الاجتماعي والتماسك داخل المجتمع المحلي.
واعتبرت الهيئة القضائية أن الإبقاء على الحكم بعد مرحلة الاستئناف يعكس توجها واضحا نحو ضبط الخطاب العام، خاصة حين يصدر عن مرجعيات دينية تحظى بثقة شريحة واسعة من الناس، وهو ما يجعل المسؤولية الأخلاقية والقانونية مضاعفة.
ويحمل هذا القرار، وفق متابعين، رسالة تحذير صريحة موجهة إلى الوعاظ ورجال الدين في هولندا، مفادها أن اختيار الألفاظ ليس تفصيلا ثانويا، بل التزاما قانونيا يفرضه واقع التعدد الثقافي والديني.
كما يسلط الحكم الضوء على الدور المحوري للأئمة والدعاة داخل الجاليات المسلمة، خصوصا بين مغاربة أوروبا، في ترسيخ قيم الاعتدال والتسامح، وتقديم خطاب ديني يساهم في بناء جسور التعايش، بعيدا عن كل ما قد يفهم على أنه تحريض أو إساءة، حفاظا على صورة الإسلام وعلى استقرار المجتمعات التي تحتضن هذه الجاليات.


