دخل الصراع على النفوذ في اليمن مرحلة “كسر العظم” بين الحليفين اللدودين، الرياض وأبوظبي، عقب تطورات ميدانية وسياسية دراماتيكية وضعت “تحالف دعم الشرعية” أمام أصعب اختباراته منذ التأسيس. ففي خطوة غير مسبوقة، أمهل رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، القوات الإماراتية 24 ساعة للرحيل النهائي عن الأراضي اليمنية، تزامنا مع غارات جوية سعودية استهدفت شحنات أسلحة إماراتية في ميناء المكلا.
وأعلن التحالف بقيادة السعودية تنفيذه عملية عسكرية محدودة استهدفت “دعما عسكريا أجنبيا” وجه لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال. وجاءت هذه الغارة عقب رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة الإماراتي إلى ميناء المكلا يومي السبت والأحد الماضيين، دون تصاريح رسمية، حيث قام الطاقم بتعطيل أنظمة التتبع لإنزال كميات ضخمة من الأسلحة والعربات القتالية بهدف “تأجيج الصراع” في حضرموت والمهرة.
بيان سعودي “شديد اللهجة” ورد إماراتي بـ”الأسف”
الخارجية السعودية لم تقف عند حد الفعل العسكري، بل أصدرت بيانا ناريا وصفت فيه التحركات الإماراتية بـ “بالغة الخطورة”، مؤكدة أنها لا تنسجم مع أسس التحالف وتهدد الأمن الوطني للمملكة بشكل مباشر.
وشددت الرياض على أنها “لن تتردد في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمواجهة أي تهديد”. في المقابل، ردت أبوظبي ببيان أعربت فيه عن أسفها لما ورد في الموقف السعودي، واصفة إياه بأنه تضمن “مغالطات جوهرية”، مما يعكس عمق الفجوة الدبلوماسية بين الجانبين.
وفي خطاب متلفز حبس الأنفاس، أعلن رشاد العليمي إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع دولة الإمارات العربية المتحدة بصفة فورية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قرر المجلس الرئاسي فرض حظر جوي وبري على جميع الموانئ والمنافذ لمدة 72 ساعة، مطالبا قوات “درع الوطن” بالتحرك لتسلم المعسكرات في المحافظات الشرقية، في خطوة تهدف حسب قوله إلى “حماية المركز القانوني للدولة” من التدخلات الخارجية.
تأتي هذه التطورات بعد تحركات عسكرية مفاجئة نفذتها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي أوائل دجنبر الجاري، سيطرت بموجبها على حضرموت والمهرة. ومع دخول مهلة الـ 24 ساعة حيز التنفيذ، يترقب العالم مآل هذا التصعيد؛ فهل تنجح الضغوط السعودية في كبح جماح الانفصاليين وإخراج القوات الإماراتية؟ أم أن اليمن يتجه نحو فصْل جديد من “حرب داخل الحرب” تطوي صفحة التحالف القائم منذ سنوات؟


