الأكثر مشاهدة

هل يضطر المغرب لتقديم تحفيزات مالية للزواج لمواجهة “الانقراض” الديمغرافي؟

يدق خبراء الديمغرافيا ناقوس الخطر في المغرب، معلنين عن دخول المملكة مرحلة “التسارع غير المسبوق” في شيخوخة السكان. تحول جذري في البنية العمرية للمجتمع المغربي بدأ يفرض نفسه بقوة على طاولة السياسات العمومية، فاتحا باب النقاش حول مدى حاجة الدولة للتدخل المباشر لتشجيع الزواج والإنجاب، ضمانا لاستمرارية التوازن الذي ميز “مغرب الشباب” لعقود.

المعطيات الرسمية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط لا تترك مجالا للشك؛ فعدد المغاربة الذين تجاوزوا عتبة الستين عاما تخطى الـ 5 ملايين شخص في سنة 2024، وهو ما يمثل 14% من مجموع السكان. المثير للقلق ليس الرقم في ذاته، بل وتيرة نموه التي بلغت 59% خلال عشر سنوات فقط، في مقابل نمو سكاني عام “هزيل” لم يتجاوز 0.8% سنويا، ما يعني أن المجتمع يشيخ بوتيرة أسرع بكثير مما يتجدد.

أفق 2050.. ربع المغاربة “مسنون”

وتشير الإسقاطات الديمغرافية إلى أن القادم “أكثر رمادية”؛ إذ يتوقع أن يتضاعف عدد المسنين ليصل إلى 10 ملايين شخص في أفق سنة 2050. هذا التحول العميق لا يهدد فقط التوازن الاجتماعي، بل يضع أنظمة الحماية الاجتماعية والفئات النشيطة اقتصاديا تحت ضغط “رهيب” لإعالة قاعدة عريضة من المتقاعدين، في ظل تراجع مخيف لمعدلات الخصوبة، لا سيما في الوسط الحضري.

- Ad -

أمام هذا الواقع، يطرح الباحثون تساؤلات حارقة: هل حان الوقت لاعتماد مقاربات “تحفيزية” مباشرة للشباب؟ المختصون يربطون تراجع الإنجاب بعوامل هيكلية، على رأسها تأخر سن الزواج، غلاء المعيشة، وأزمة السكن والشغل المستقر.

ويرى هؤلاء أن أي خطة لتشجيع الزواج لن تنجح ما لم تتحول إلى “حزمة اجتماعية” تشمل تحسين جودة الحياة للأسر الشابة، وتوفير الأمان الاقتصادي الذي يشجع على بناء مشاريع أسرية مستدامة.

يجد المغرب نفسه اليوم في “منطقة برزخية” ديمغرافيا؛ فمن جهة يلتزم بمواكبة الشيخوخة المتسارعة وتوفير الرعاية للمسنين، ومن جهة أخرى يواجه رهان “التشبيب” الضروري لاستمرار محرك التنمية. إنها معادلة مركبة تفرض إعادة التفكير في السياسات السكانية، ليس كإجراءات ظرفية، بل كرؤية استراتيجية تضمن بقاء “المغرب الشاب” حيا في أرقام المستقبل.

مقالات ذات صلة