الأكثر مشاهدة

81% من الرؤساء التنفيذيين المغاربة واثقون في الاقتصاد الوطني رغم تصاعد المخاطر

يتضح من النسخة المغربية الثالثة من استطلاع “الرؤساء التنفيذيين العالميين” الذي أجرته مؤسسة PwC أن عام 2025 سيكون حافلا بالتحديات والرهانات المتشابكة في نظر قادة الأعمال بالمملكة. هذا التقرير الذي شمل أكثر من 4700 مسؤول تنفيذي من 109 دول، خص المغرب بعينة مكونة من أزيد من خمسين شخصية قيادية تمثل قطاعات اقتصادية متنوعة، منها ما هو صناعي وخدماتي وتجاري، وهو ما يعطي للاستطلاع مصداقية تحليلية لواقع الاقتصاد المغربي في أفق التحول.

ما يلفت الانتباه في هذه النسخة المغربية هو الحضور اللافت للمرأة القيادية،.. حيث بلغت نسبة المشاركات 20 بالمئة، وهي نسبة تتجاوز بكثير المعدل العالمي المحدد في 9 بالمئة فقط. كما أن نصف الشركات المستجوبة لا يتجاوز عدد موظفيها 500 مستخدم،.. مع تسجيل أن 65 بالمئة من العينة تمثل القطاع الخاص.

رغم هذه الخلفية، كشف الاستطلاع أن التفاؤل تجاه الاقتصاد الوطني ما يزال حاضرا بنسبة قوية بلغت 81 بالمئة من المستجوبين، رغم تراجع طفيف عن سنة 2024 التي سجلت 90 بالمئة. أما فيما يتعلق بالاقتصاد العالمي، فقد تراجعت الثقة من 58 إلى 52 بالمئة، ما يعكس حذرا متزايدا نتيجة الاضطرابات الدولية.

- Ad -

90% من مديري الشركات المغربية متفائلون بنمو مؤسساتهم في 2025

اللافت في نتائج الاستطلاع هو أن 90 بالمئة من قادة الأعمال المغاربة يشعرون بثقة كبيرة تجاه مستقبل شركاتهم وقدرتها على تحقيق نمو خلال السنوات المقبلة، وهي نسبة تتجاوز حتى نظيراتها في الشرق الأوسط وأوروبا الغربية، وهو ما يعكس طموحا مرتفعا للفاعلين المغاربة في القطاع الخاص.

لكن هذا التفاؤل لا يخفي وجود مخاوف واضحة،.. يتصدرها القلق الجيوسياسي حيث عبر 34 بالمئة من القادة عن تخوفهم من النزاعات الدولية، مقارنة بـ 22 بالمئة فقط في السنة الماضية،.. مما يجعل هذا العامل في صدارة المخاطر، متقدما على التضخم والتغيرات المناخية والهجمات السيبرانية.

وفي ما يتعلق بالتحولات المناخية،.. أكدت 65 بالمئة من الشخصيات المستجوبة أنها تشعر بتأثير مباشر لهذه الظاهرة،.. فيما قال 20 بالمئة إنهم يشعرون بخطورة شديدة،.. ما يبرز انتقال الوعي البيئي من مجرد خطاب إلى انشغال حقيقي. بل إن 30 بالمئة من المستجوبين الذين استثمروا في خفض البصمة الكربونية أفادوا بتحقيقهم لعوائد مالية مباشرة نتيجة إدماج منتجات وخدمات صديقة للبيئة.

رغم ارتفاع الخطر السيبراني إلى 58%.. فقط 2% من الشركات المغربية مستعدة

أما الخطر السيبراني فقد تصاعد حضوره في سلم الأولويات،.. إذ اعتبره 58 بالمئة من القادة خطرا مباشرا على مؤسساتهم، منها 10 بالمئة قالوا إنهم معرضون بشدة،.. وهو ما يفوق نسبة المخاوف من التغير المناخي أو التوترات الجيوسياسية. هذا القلق مرده ثلاثة أسباب أساسية: أولهما ارتفاع تكلفة الجرائم السيبرانية إلى مستوى عالمي بلغ 1000 مليار دولار خلال عامين فقط،.. أي أكثر من تكلفة أزمة الرهن العقاري سنة 2008، وثانيها تسارع الرقمنة في المؤسسات،.. مما زاد من فرص الاختراق، وثالثها ضعف الاستجابة المؤسسية حيث لا تتجاوز نسبة الشركات التي نفذت خطة كاملة للأمن السيبراني 2 بالمئة فقط.

الذكاء الاصطناعي شكل بدوره محط اهتمام كبير في هذا التقرير،.. حيث كشف أن 71 بالمئة من قادة الشركات في المغرب يخططون لاعتماد هذه التكنولوجيا في العمليات الأساسية خلال السنوات الثلاث القادمة،.. أملا في رفع الإنتاجية وتحرير الموارد البشرية من المهام الروتينية. غير أن المفارقة تكمن في أن 19 بالمئة فقط يفكرون في استخدام الذكاء الاصطناعي لتدبير الموارد البشرية،.. في وقت تتجه فيه الشركات العالمية نحو أتمتة الوظائف الإدارية قبل حلول عام 2030.

من الناحية الجغرافية، يظهر التقرير توجها واضحا نحو التوسع الخارجي،.. حيث أشار 47 بالمئة من القادة إلى نيتهم في تنفيذ عمليات استحواذ خلال السنوات الثلاث المقبلة،.. مقابل 39 بالمئة قالوا إنهم أنجزوا ذلك فعلا في السنوات الأخيرة. وتصدرت فرنسا والولايات المتحدة لائحة الوجهات المفضلة، تليهما إسبانيا والسنغال وساحل العاج،.. فيما برزت الصين كمحطة توسع واعدة بنسبة 12 بالمئة.

في المحصلة، يعكس استطلاع PwC لهذه السنة مزيجا من الطموح الاستثماري المغربي والانفتاح الخارجي،.. مقرونا بوعي حاد بالمخاطر الجديدة التي أصبحت تتجاوز الاقتصاد لتشمل البيئة والجغرافيا السياسية والأمن الرقمي،.. مما يستدعي مراجعة شاملة لاستراتيجيات النمو الوطني في ظل تحولات عالمية متسارعة.

مقالات ذات صلة