تسود حالة من التوتر والغضب في أوساط ساكنة منطقة عين السبع شمال الدار البيضاء، حيث تحول الحلم بالتنمية إلى كابوس من الأعطاب الإدارية والارتجال السياسي، وسط شبه غياب تام للدور الرقابي الفعلي. مشاريع بمئات الملايين لم تثمر سوى فوضى مالية وتقنية، ما يطرح تساؤلات ثقيلة حول دور والي جهة الدار البيضاء-سطات، محمد مهيدية، بوصفه المسؤول الأول عن تتبع سير المجالس المنتخبة، والضامن لحسن سير المرفق العام.
ما كان يفترض أن يكون واجهة حضرية مشرفة، تحول إلى رمز للفشل، بعدما أنفقت المنطقة بين 2022 و2025 أكثر من 100 مليون درهم دون أن يرى أي مشروع مهيكل النور، باستثناء ما يوصف شعبيا بـ”بركة ماء” خطيرة، سميت مجازا “مسبح بلدي”، وهي منشأة تفتقر لأبسط شروط السلامة، وتعرض حياة الأطفال للخطر.
فضيحة “كورنيش عين السبع” زادت الوضع تأزما. فخلال زيارة ميدانية لوالي الجهة رفقة رئيسة جماعة الدار البيضاء نبيلة الرميلي، وقف المسؤولون على خروقات تقنية وصفت بالخطيرة في الأشغال، رغم بلوغ نسبة الإنجاز المعلنة 95٪. من بين الأعطاب التي فضحت: ضعف التشطيبات، غياب تام للسلامة، تصميم عشوائي لملعب كرة القدم، وكل ذلك مقابل ميزانية قاربت 70 مليون درهم. نتيجة هذه المهزلة: رفض رسمي لاستلام المشروع من طرف السلطات.
الضجة لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت إلى شركة “كازا أميناجمان” المفوض لها الإنجاز، والتي أصبحت في قلب عاصفة انتقادات على منصات التواصل، حيث أطلق المواطنون وسم “كورنيش مغشوش” لتوصيف المشروع الكارثي.
عين السبع تسقط في فخ العجز الإداري
وفي ظل هذا المناخ المتوتر، لا تزال حديقة الحيوانات بعين السبع، التي شرع في بنائها منذ أكثر من عشر سنوات، حبيسة الوعود. زيارة تقنية حديثة كشفت غياب فضاءات عائلية، رداءة في التجهيزات، وأعطاب تهم شروط رعاية الحيوانات. وعلى الرغم من بلوغ نسبة نقل الحيوانات إلى الموقع نحو 80٪، فإن تاريخ الافتتاح لا يزال غامضا، مما يعكس عطبا في التخطيط والتتبع.
مصدر من داخل المجلس الجماعي لم يخف قلقه، مؤكدا أن “كل شيء معلق على متغيرات مجهولة”، ما يرسخ الانطباع بأن المنطقة أصبحت نموذجا للفشل المؤسساتي، والعجز عن إرساء أبسط مقومات خدمة عمومية فعالة في منطقة تعد إحدى بوابات الدار البيضاء الاقتصادية.
وفي الخلفية، لا يغيب صدى خطاب الملك محمد السادس في 13 أكتوبر 2023، حين حذر بشكل صريح من “الاختلالات الكبيرة في تدبير مدينة الدار البيضاء”. واليوم، يبدو أن ما يحدث في عين السبع هو التجسيد الأوضح لتلك الاختلالات، في لحظة يفترض فيها أن تكون المدينة جاهزة لمواجهة رهانات كبرى، أبرزها مونديال 2030.