غاب السردين عن موائد سكان الدار البيضاء خلال الأيام الماضية، بعد أن اختفى بشكل شبه كلي من رفوف الأسواق الشعبية وكبريات نقاط البيع، في مشهد أثار قلق شريحة واسعة من المستهلكين، خصوصا ذوي الدخل المحدود الذين يعتبرون هذا النوع من السمك الوجبة الأرخص والأكثر استهلاكا.
هذا الاختفاء المفاجئ تزامن مع الفترة التي تلي عيد الأضحى، وهي مرحلة تعرف عادة ارتباكا مؤقتا في توزيع المنتجات البحرية، غير أن الوضع هذه السنة خرج عن المعتاد. فالأثمان قفزت إلى مستويات غير مألوفة، والعرض تراجع بشكل غير مسبوق، مما طرح علامات استفهام حول أسباب هذا الخلل.
سوق مشلول وتبريرات متضاربة
حسب إفادات عبد اللطيف السعدوني، رئيس الكونفدرالية الوطنية لتجار السمك بالمغرب،.. فإن اختفاء السردين مرده إلى ضعف نشاط مراكب الصيد الساحلي خلال الأسابيع الماضية. وأوضح أن أغلب ما تم عرضه في الأسواق مؤخرا مصدره القوارب التقليدية أو ما يعرف بـ”السويلكة”،.. وهي محدودة القدرة على الإنتاج، ما جعل الأثمنة تصل إلى 250 درهما للصندوق الواحد، أي ما يعادل ما بين 15 و20 درهما للكيلوغرام في أسواق القرب.
السعدوني أشار في تصريحه إلى أن المعادلة بين العرض والطلب اختلت بشكل غير معتاد بعد العيد،.. حيث يتراجع الإقبال مقابل ارتفاع كميات أنواع أخرى من الأسماك البيضاء،.. التي تبقى أقل استهلاكا في الأحياء الشعبية.
انفراج قريب أم وعود موسمية؟
وبينما تتصاعد شكاوى المواطنين من غياب السردين وغلاء البدائل، يراهن المهنيون على عودة تدريجية للوفرة خلال الأسبوعين القادمين، أي بعد استئناف مراكب الصيد الساحلي لوتيرتها المعتادة.
توقعات السعدوني تشير إلى أن السعر قد يتراجع إلى حدود 10 دراهم للكيلوغرام،.. في حال تحسنت ظروف الصيد والتوزيع،.. مما سيمكن الأسر البسيطة من استرجاع مصدر بروتين بحري يمثل أزيد من 70% من استهلاك المغاربة من المنتجات البحرية.
لكن السؤال المطروح بقوة في الأوساط البيضاوية: إلى متى ستبقى المواد الغذائية الأساسية خاضعة للتقلبات الموسمية دون حلول دائمة؟
المختصون في القطاع لا يخفون أن اختلال سلاسل التوزيع وضعف التنظيم داخل الأسواق يشكلان عائقا أمام استقرار الأسعار، رغم توفر الإنتاج في مراحل معينة. ويؤكدون أن السردين، بما يمثله من قيمة غذائية ومكانة في النظام الغذائي للمغاربة،.. يجب أن يحظى بسياسة توزيعية أكثر عدالة واستقرارا.