في صيف 2021، سقط شاب مغربي برصاص شرطي فرنسي وسط أحد أحياء مارسيليا. مرت السنوات، وهدأ الضجيج الإعلامي، لكن الحقيقة لم تكشف بعد. الجديد؟ عائلة الضحية، سهيل الخلفاوي، قررت أن تخرج الملف من صمته وتدفع به نحو جبهة جديدة: شبهة إخفاء أدلة.
لم يكن أحد يتوقع أن ينقلب التحقيق في وفاة سهيل إلى ملف موازٍ يتعلق باختفاء “تسعة أدلة قضائية حساسة”، من بينها الرصاصة التي أنهت حياته، تسجيل كاميرا مراقبة من بنك مجاور، وحتى فيديو الاستماع إلى الشرطي القاتل. كلها اختفت. رسميا: “تم إخراجها من التخزين سنة 2022، ولم تعد إلى أرشيف المحكمة”. واقعيا: لا أحد يعرف أين هي.
هذه الوقائع دفعت عائلة سهيل إلى التوجه نحو القضاء بشكوى رسمية تتهم فيها أطرافا قضائية، بينها النيابة العامة السابقة لمارسيليا، بالتستر العمدي وعرقلة مسار العدالة. المحامون لم يلتزموا لغة المجاملات، بل وصفوا ما يحدث بـ”ممارسات تشبه أنظمة الفساد المقنع التي تسعى لدفن الحقيقة”.
الملف، الذي لم يصل بعد إلى لحظة الاعتراف أو المحاسبة، دخل منعطفا جديدا قد يكون أخطر من القتل نفسه: اتهام مباشر للقضاء الفرنسي بالتواطؤ مع رجال الشرطة وتسييس العدالة.
وفي تصريح مثير، قال محامي العائلة: “هذه الشكوى، نأمل أن تفتح الباب أمام تطهير عميق داخل المؤسسات، لأن بعض الجهات القضائية في فرنسا، وخاصة في مارسيليا، أصبحت ترى القانون كأداة لحماية رجال السلطة وليس لتطبيق العدالة”.
النيابة العامة، من جهتها، نفت وجود نية للإخفاء، واعتبرت أن “كل دليل تم تدوينه بمحاضر رسمية”، في محاولة لتقليص حجم الكارثة. لكن هل المحاضر تعوّض الرصاصة؟ وهل الكلمات تحل محل الصورة؟ وهل شهادات رجال الأمن تكفي حين تكون الكاميرا قد “ضاعت”؟
قضية الشاب المغربي سهيل تثير اليوم سؤالا وجوديا في دولة تدعي الديمقراطية: هل كل من يقتل برصاص الشرطة يحصل على فرصة للوصول إلى الحقيقة؟ أم أن للعدالة عيون ترى وأخرى تتعامى عن عمد؟