في ليلة امتزج فيها النور بالصوت، والروح بالنغم، شهدت الدار البيضاء أمسية روحانية استثنائية، حيث احتشد عشاق فن السماع والمديح في حضرة الذكر والتأمل، ضمن جولات رياض النور التي تجوب مدن المغرب خلال شهر رمضان المبارك.
هذه الليلة المباركة لم تكن مجرد حفل موسيقي،.. بل كانت رحلة إلى عوالم الصفاء والأنوار، أحيتها المجموعة الرسمية للطريقة القادرية البودشيشية، بقيادة مولاي معاذ القادري بودشيش، الذي خطف القلوب وأسر الأرواح بصوته العذب وإحساسه العميق.
تحولت الأمسية إلى بحر من التجلي،.. حيث تماوجت أصوات المادحين على إيقاع القلوب المتعطشة للنور، وكأن الألحان كانت جسورا تربط الحاضرين بمقام السكينة والسكينة. لم تكن مجرد كلمات تتلى أو ألحان تعزف،.. بل كان لكل نغمة طيف من البركة،.. ولكل مقام صدى في دواخل النفوس، حتى أضحى المكان لوحة من النور والوجد، ترسمها أصوات المادحين ودقات القلوب المستبشرة بحالة من الصفاء النادر.
مولاي معاذ،.. نجل شيخ الطريقة، لم يكن مجرد منشِد، بل كان سفيرا للأحاسيس الإلهية، ينسج بجمال صوته عالما من الوصل الروحاني، حيث ذابت الحواجز بين الحاضرين،.. وتلاشت الحدود بين الأرضي والسماوي، بين الصوت والصمت، بين البشر والملكوت.
مع كل مقام صدح به، ومع كل بيت مدح تردد،.. كان المجلس يزداد ألقا ونورا، حتى شعر الحاضرون أنهم انتقلوا من عالم الواقع إلى فضاء من الصفاء الروحي الخالص.