لم ينجح محمد السيمو، رئيس جماعة القصر الكبير والبرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار، في حبس دموعه خلال جلسة الاستنطاق التفصيلي أمام غرفة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط، يوم الإثنين 2 ماي 2025. لحظة نادرة، لكنها كاشفة، في محاكمة أصبحت حديث الرأي العام بعد أن طالت اتهامات ثقيلة رجل سياسة ظل لسنوات يتحرك بثقة شمال المملكة.
السيمو وجد نفسه محاصرا بأسئلة القاضي التي تعقبت كل شبهة مالية لاحقته، وعلى رأسها صفقة اقتناء الجماعة لقطعة أرضية مملوكة لعضو في المجلس نفسه. سئل عن تفاصيل الصفقة، عن تضارب المصالح، عن خرق القانون التنظيمي للجماعات، عن الصفقات العمومية، فكان جوابه الأغرب هو أنه لم يكن يفهم الوثائق لأنها مكتوبة باللغة الفرنسية التي لا يجيدها، بل وادعى صعوبة حتى في فهم العربية.
تصريحه خلق صدمة داخل الجلسة، بالنظر إلى كونه يرأس جماعة محلية ويتولى مسؤوليات برلمانية. وقد جاء ذلك ضمن استنطاق حول ثلاث ملفات دمجت في قضية واحدة: صفقة الأرض، قاعة مغطاة، ومنح مشبوهة لجمعيات حديثة النشأة.
القاضي واجه السيمو كذلك بصفقة بناء قاعة رياضية كلفت الجماعة أزيد من 370 ألف درهم،.. رغم أنها أسندت لشركة عرضها المالي لم يكن الأقل،.. وهو ما يتعارض مع المرسوم المنظم للصفقات العمومية. الشركة لم تلتزم، فتم فسخ العقد، بينما ضاعت الأموال، بحسب ما تؤكده خلاصات قاضية التحقيق.
صفقة أرض وملايين ضائعة.. محاكمة رئيس جماعة القصر الكبير تكشف المستور
من جهته، حاول السيمو التنصل من المسؤولية، قائلا إن كل شيء تم بإجماع المجلس،.. وبعلم الباشا والعامل والكاتب العام، وإنه لم يكن وحده صاحب القرار. أما صاحب الأرض، فقد عرض إعادة الأموال للجماعة مقابل وقف المتابعة، زاعما أن الشركة المعنية مملوكة أيضا لأبنائه.
في المقابل، خرجت المعارضة بتصريح يؤكد أن أعضاء المجلس صوتوا بناء على وثائق لا تكشف عن هوية المالك،.. وأن السيمو وحده من كان يعلم التفاصيل.
فـي ملف المنح، يتهم السيمو بتوجيه دعم مالي لجمعيات لا يتعدى عمرها بضعة أشهر،.. في تجاوز خطير لقواعد الشفافية والإنصاف. هو نفسه اعتبر ذلك “تنسيقا مع عامل الإقليم” ونفى وجود أي خروقات،.. متهما المعارضة بـ”تصفية حسابات سياسية”.
12 شخصا آخرين يتابَعون في هذا الملف، من بينهم مستشارون جماعيون، موظفون، ومقاولون. وقد قررت المحكمة تأجيل الجلسة إلى 30 يونيو الجاري، وسط ترقب كبير.
وتعود القضية إلى شكاية رفعتها المنظمة المغربية لحماية المال العام، أدت إلى فتح تحقيق انتهى بإحالة السيمو ومن معه على غرفة الجنايات، مع إخضاعهم للمراقبة القضائية وحجز ممتلكاتهم.
قرار الإحالة يؤكد أن السيمو مسؤول عن تبديد أموال عمومية، وتلقي منافع من مؤسسة يترأسها،.. بما يفوق 100 ألف درهم. وهي أفعال يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي في فصوله 129، 241، و245.
الأنظار موجهة الآن إلى جلسة نهاية يونيو، حيث يرتقب أن يقدم الدفاع مرافعاته وتبسط النيابة العامة موقفها النهائي من واحدة من أكثر القضايا الشائكة التي تمس التدبير المحلي في شمال المغرب.