الأكثر مشاهدة

القضاء الإسباني يسحب من مغربي حلم الجنسية بسبب “حادثة عائلية” تعود إلى 2019

رفضت المحكمة الوطنية الإسبانية الطعن الذي تقدم به مواطن مغربي مقيم في مدينة سبتة بعد قرار وزارة العدل القاضي برفض منحه الجنسية الإسبانية، مستندة إلى حكم سابق صدر في حقه سنة 2019 بتهمة العنف الأسري ضد زوجته الإسبانية.

القرار الذي اعتبره القانونيون سابقة جديدة في تفعيل معيار “حسن السلوك المدني” ضمن ملفات التجنيس، أكد أن وجود حكم جنائي بالإدانة، حتى وإن كان مع وقف التنفيذ، يفقد صاحبه شرط الأهلية الأخلاقية المطلوبة للحصول على الجنسية الإسبانية.

تعود تفاصيل القضية إلى سنة 2019، حين قضت المحكمة الجنحية بسبتة في حق المواطن المغربي بستة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ، مع منعه من الاقتراب من زوجته لمدة سنتين، بعد متابعته بتهمة العنف الأسري.

- Ad -


وبعد انتهاء فترة المنع في فبراير 2022، ظن المعني بالأمر أن تلك الصفحة طويت إلى الأبد، فتقدم في العام الموالي بطلب الجنسية مرفقا بكل الوثائق المطلوبة، من بينها شهادة الزواج، وشهادات اللغة والمعرفة الدستورية الإسبانية.

غير أن وزارة العدل رفضت الملف مستندة إلى تلك السابقة القضائية، معتبرة أن الإدانة، ولو قديمة، “تكشف عن خلل في السلوك المدني”. وزاد من تعقيد وضعيته عدم تقديمه شهادة السوابق العدلية من المغرب، ما جعل ملفه ناقصًا من الناحية الشكلية.

في حيثيات قرارها، شددت المحكمة الوطنية على أن معيار “حسن السلوك” لا يقتصر على خلو السجل العدلي من العقوبات الحالية، بل يقوم على سلوك متواصل يعكس احترام القانون وقيم المجتمع الإسباني.


وأضافت الهيئة القضائية أن انتهاء مدة العقوبة أو وقف تنفيذها لا يعني محو أثرها الأخلاقي، وأن صاحب الطلب لم يقدم ما يثبت تغيرا جوهريا في سلوكه أو اندماجه الإيجابي في المجتمع الإسباني بعد الواقعة.

وبناء على ذلك، اعتبرت المحكمة أن قرار وزارة العدل “قائم على أساس قانوني سليم ومتوافق مع الاجتهاد القضائي المستقر في قضايا العنف ضد النساء”، لتؤيد رسميا رفض منح الجنسية.

دفاع المعني بالأمر: “مجرد سوء فهم عائلي”

من جانبه، حاول محامي المواطن المغربي التقليل من خطورة الواقعة، مبررا أن ما حدث عام 2019 كان “خلافا عائليا بسيطا جرى تضخيمه من قبل الشرطة”، مؤكدا أن الزوجة الإسبانية لم تتقدم بأي شكاية ضد زوجها بل عارضت توقيفه.


وأضاف الدفاع أن موكله يعيش حياة مستقرة منذ أكثر من عقد رفقة زوجته التي لم تطلب الطلاق، وأنه لم يرتكب أي مخالفة منذ ذلك الحين، ما يدل على حسن سلوكه.

لكن المحكمة لم تقتنع بهذه المرافعة، مبرزة أن “شروط التجنيس لا تقاس بالنوايا أو الشهادات الشخصية، بل بالوقائع القضائية المثبتة”، لتبقى الإدانة السابقة سببا كافيا لرفض الطلب.

“حسن السلوك”.. مفتاح التجنيس في إسبانيا

في التشريع الإسباني، يعد شرط “السلوك المدني الجيد” أحد الأعمدة الثلاثة التي يبنى عليها منح الجنسية، إلى جانب الإقامة القانونية والمعرفة بالثقافة والقانون الإسباني.


ويفسر هذا المبدأ في الاجتهاد القضائي على أنه “القدرة على احترام القوانين والعيش وفق قيم المجتمع الإسباني”.

وتؤكد أحكام المحكمة العليا أن وجود أي حكم جنائي، حتى مع وقف التنفيذ، كاف لرفض التجنيس “لأنه يضعف الثقة في مدى اندماج طالب الجنسية في المنظومة القيمية الإسبانية”.


ويرى خبراء القانون في مدريد أن هذا التوجه القضائي الصارم يعكس حرص الدولة على حماية “صورة الجنسية الإسبانية كامتياز قانوني يمنح للأشخاص ذوي السيرة الحسنة”، وليس حقا مكتسبا يمنح تلقائيا لكل مقيم.

مقالات ذات صلة