دخل المغاربة، مع حلول منتصف ليلة الإثنين 1 يوليوز 2025، على وقع موجة ارتفاع جديدة في أسعار المحروقات، حيث سجل ثمن لتر الكازوال زيادة قدرها 41 سنتيما، في حين ارتفع سعر البنزين الممتاز بـ29 سنتيما، وفق ما أكدته مصادر مهنية عاملة في قطاع توزيع الوقود.
وتأتي هذه الزيادة ضمن نظام المراجعة الدورية المعتمد من طرف الشركات الفاعلة، لكنها تعيد إلى الواجهة تساؤلات أعمق حول جدوى تحرير القطاع دون آليات حقيقية للحماية الاجتماعية أو مراقبة حقيقية لهوامش الربح لدى الشركات.
المتتبعون لتحركات السوق الوطنية يلفتون إلى أن الأسعار تشهد منذ أشهر تقلبات طفيفة، كان آخرها انخفاض طفيف في منتصف ماي الماضي، لم يتجاوز 15 سنتيما للكازوال و50 سنتيما للبنزين، قبل أن تعود للارتفاع بشكل خجول مع بداية يونيو. إلا أن المواطنين لم يلمسوا أي أثر إيجابي لهذه التغييرات على نفقات التنقل أو تكاليف المعيشة اليومية.
في الواقع، يلاحظ أن أسعار المحروقات بالمغرب تظل مرتفعة بالمقارنة مع بلدان في المحيط الإقليمي وحتى الأوروبي، رغم غياب الضرائب المفروضة على الاستهلاك مثل التي تطبق في دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما يثير الشكوك حول وجود تلاعبات أو غياب للشفافية في تسعير المواد البترولية.
قرار بنكيران.. إصلاح أم عبء مزمن؟
التحرير الكامل لأسعار المحروقات، الذي دخل حيز التنفيذ في عهد حكومة عبد الإله بنكيران سنة 2015، ما زال إلى اليوم محط انتقادات شديدة من قبل عدد من الفاعلين والنقابات، الذين يعتبرون أن الدولة تخلت عن دورها في تنظيم الأسعار دون أن تضع أي بديل حمائي للأسر المتضررة، خصوصا في ظل غياب دعم مباشر للفئات الهشة أو السائقين المهنيين.
ويرى مراقبون أن تحرير السوق بدون منظومة واضحة لضبط المنافسة وفرض الرقابة على الفاعلين، قد فتح المجال لتراكم الأرباح لدى بعض الشركات، بينما تحمل المواطن وحده كلفة التقلبات الدولية في أسعار النفط.
مع كل موجة ارتفاع جديدة، تتجدد الأصوات المطالبة بضرورة تسقيف أرباح شركات التوزيع أو العودة إلى شكل من أشكال الدعم العمومي، ولو بشكل مرحلي، ريثما تتم مراجعة شاملة لنظام التسعير المعتمد، خاصة أن التغيرات الطفيفة لم تعد تقنع الشارع، في ظل استمرار معاناة الأسر مع تكاليف النقل المرتفعة وأسعار السلع المرتبطة ارتباطا مباشرا بكلفة الوقود.