الدار البيضاء، حيث تتداخل أضواء المدينة مع صخب الحياة اليومية، تتعالى أصوات الغضب من زوايا الأحياء وممرات العمارات القديمة والجديدة على حد سواء. فواتير الماء والكهرباء، التي يفترض أن تعكس الاستهلاك الحقيقي، باتت تثقل كاهل الأسر البيضاوية، لتثير عاصفة من التساؤلات حول جدوى التغيير الذي بشر به انتقال التدبير من الشركة الفرنسية “ليديك” إلى شركة وطنية.
اجتماع طارئ مع SRM بعد تصاعد شكاوى المواطنين من الفوترة
الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية – جهة الدار البيضاء-سطات، عقدت اجتماعا استثنائيا في 16 أبريل الجاري داخل مقر الشركة الجهوية متعددة الخدمات (SRM)، في محاولة لكبح جماح الأزمة المتصاعدة. الاجتماع، الذي حضره نائب المنسق الجهوي للهيئة وأطر من الشركة،
محمد عماري،.. نائب المنسق الجهوي، لم يخف خيبة الأمل. شدد على أن وعود تحسين الخدمات وخفض الكلفة لم تكن سوى شعارات، بعدما كشفت الوقائع استمرار المنحى التصاعدي للفواتير،.. بل وازدادت الأمور تعقيدا بفعل نظام الفوترة القائم على دورات 30 يوما، والذي يتسبب – بحسب قوله – في ظلم فادح للمستهلكين، خصوصا عند تجاوز أو نقص مدة الفوترة، ما يرفع الشرائح ويثقل الفاتورة.
وأضاف عماري أن هناك تماطلا في تفعيل العدادات الزمنية المزدوجة، رغم أن الحكومة حددت منذ 2016 تاريخا نهائيا لتعميمها على المستهلكين ذوي الاستهلاك المرتفع. الوضع، حسب قوله، “أشبه بعجلة معطلة تدار ببطء لا يواكب ضرورات الإصلاح والعدالة”.
الهيئة لم تكتف بالتشخيص، بل دعت الأسر التي تتقاسم عدادا واحدا إلى تسوية أوضاعها،.. وطالبت بتوحيد الرسوم بين الأحياء تفاديا للتمييز المجالي،.. مشيرة إلى أن الواقع الحالي يكرس لا مساواة في مدينة يفترض أن تكون نموذجا حضريا.
وذهب عماري أبعد من ذلك،.. حينما انتقد احتكار الشركة لمختبر واحد لتحليل المياه،.. معتبرا أن فتح الباب أمام مختبرات مرخصة سيعزز الشفافية ويمكن المجتمع المدني من أداء دور رقابي فعال.
كما هاجم نائب المنسق فرض غرامات تأخير دون إصدار فواتير مقابلة،.. داعيا إلى تقنين هذه الممارسات وتوضيح الأسس التي تبنى عليها،.. مؤكدا أن “الصمت التشريعي لا يجب أن يفسر ضد المواطن، بل لصالحه”،.. مذكرا بضرورة احترام هامش تسامح في الاستهلاك الشهري لتفادي الزج بالمستهلك إلى شرائح مرتفعة بسبب تجاوز بسيط لا يتجاوز 10 ك.و.س.
وبين غياب رقابة مستقلة، واستمرار الأعطاب البنيوية،.. يجد المواطن البيضاوي نفسه في مرمى فواتير متضخمة ووعود مؤجلة.