في وقت تتصاعد فيه حدة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون، يواصل المغرب الانزلاق نحو ما وصفه الباحث الجامعي و الرئيس السابق لمجلس جهة كلميم واد نون، عبد الرحيم بن بوعيدة، بأنه “نموذج اقتصادي يكرس الفساد ويعزز مصالح نفس النخب”. مع اقتراب الانتخابات المقبلة في عام 2026، أصبح الوضع أكثر من مجرد قلق، بل أصبح سمة غالبة على سياسات الحكومات السابقة.
في تصريح له، أشار بن بوعيدة إلى أن الحكومة المغربية قد فشلت في معالجة الواقع الاقتصادي الصعب، بل عملت على تعميق الأزمة لصالح طبقات معينة. وذكر بشكل خاص أن “بعض الشركات استغلت الوضع لتحقيق ثروات هائلة، بينما يعاني المواطن المغربي من صعوبة توفير أبسط احتياجاته، مثل اللحوم”. وأضاف أن 18 مستوردا قد حققوا أرباحا ضخمة تقدر بـ130 مليار درهم، ليصل نصيب كل واحد منهم إلى 7.2 مليار درهم، وذلك من خلال استيراد كميات كبيرة من الماشية، وهو ما يعكس حسب قوله استغلالا فاضحا للموارد لتحقيق مصالح شخصية.
عبد الرحيم بن بوعيدة: “المغرب يتحول إلى دولة تجارية تخدم مصالح النخب
من جهة أخرى، أشار بن بوعيدة إلى “خطة المغرب الأخضر” التي كانت قد أطلقت لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي،.. والتي كلفت خزينة الدولة 1460 مليار درهم، لكنها لم تسفر عن نتائج ملموسة. فعلى الرغم من هذا الإنفاق الضخم،.. لا يزال المغرب يعتمد بشكل كبير على استيراد المواد الأساسية مثل اللحوم والقمح. وقال في هذا السياق: “انتقلنا من خطة المغرب الأخضر إلى ‘الجيل الأخضر’،.. لكن اللون الوحيد الذي يناسب وضعنا هو لون الحداد الاقتصادي”.
إلى جانب ذلك،.. لفت بن بوعيدة الانتباه إلى ما وصفه بـ”الاحتكار المؤسساتي” الذي يحمي الفاسدين ويصعب من محاسبتهم. وأشار إلى مشروع تعديل القانون الجنائي الذي يتيح تقليص الإجراءات القضائية ضد المسؤولين المنتخبين والعاليين في الدولة،.. وهو ما يراه خطوة أخرى نحو تكريس الإفلات من العقاب وتعزيز السلطة المطلقة.
وفي ختام حديثه، وجه بن بوعيدة تحذيرا قاسيا، قائلا: “نحن لم نعد مواطنين بل زبائن في دولة تجارية،.. تديرها نخب سياسية تبيع الوهم لا الواقع”. وأضاف: “هل سيظل المواطنون يسيرون إلى صناديق الاقتراع بنفس اللامبالاة،.. أم سيستمر نفس الوجوه في قيادة البلاد بنفس السياسات؟”.