تتزايد بشكل مقلق ظاهرة انتشار واستهلاك المخدرات بين طلاب المدارس، وتشير التقارير الرسمية إلى توسع هذه الظاهرة داخل المؤسسات التعليمية. تثير هذه المشكلة مخاوف كبيرة لدى الفاعلين في الميدان التربوي، خاصة أن الطلاب لم يعدوا يقتصرون على استهلاك المخدرات فقط، بل أصبحوا أيضا شركاء في عمليات توزيعها. يستغل الطلاب من قبل المروجين للمخدرات لبيعها داخل حدود المؤسسات التعليمية.
رحلة من تدريس الفلسفة في الرباط إلى إنقاذ التلاميذ
أمينة بعجي، رئيسة “الجمعية المغربية للإنصات والتحاور”، المتخصصة في متابعة تلاميذ المدارس من خلال آليات مختلفة مثل الاستماع لهم ولأولياء أمورهم والمعلمين، بهدف الحد من العنف في البيئة المدرسية، أكدت أن انتشار تعاطي المخدرات بين التلاميذ في المؤسسات التعليمية في المغرب وصل إلى “مستوى خطير”.
أكدت أمينة بعجي أن “إدمان التلاميذ على المخدرات انتشر بشكل خطير”،.. مشيرة إلى أن هذه الظاهرة وصلت إلى صفوف تلاميذ المراحل الابتدائية،.. حيث تتواجد مروجو المخدرات داخل تلك المؤسسات دون استثناء.
وأوضحت بعجي أن مروجي المخدرات يستهدفون التلاميذ ويزودونهم بالمخدرات بهدف تشجيعهم على نشرها بين أقرانهم، ويقدمون لهم عمولات مالية مقابل كل عملية بيع.
تشير بعجي إلى أن تعاطي التلاميذ للمخدرات يعتبر سببا رئيسيا لظاهرة العنف في الوسط المدرسي،.. وتعتبر أن هذا الجانب ما زال يتم تجاهله رغم خطورته. كما أشارت إلى وجود تلاميذ يمارسون العنف ضد زملائهم وحتى ضد أساتذتهم نتيجة لتعاطي المخدرات دون أدراكهم الكامل لتأثيرات ذلك.
بناء على تجربتها التي امتدت لما يقارب عقدين من الزمن في توجيه الطلاب،.. واستنادا إلى التقارير النفسية والاجتماعية التي تعدها الجمعية بالتعاون مع الخبراء،.. أكدت بعجي أن المشكلات الانتشار في صفوف تلاميذ المستوى الابتدائي “أكبر بكثير من المشكلات الموجودة في المستويات الأخرى”.
تلاميذ يعترفون بتعاطي المخدرات
أفادت تقارير رسمية بانتشار تعاطي التلاميذ للمخدرات،.. بما في ذلك تقرير للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي الذي صدر في عام 2021. وكان هذا التقرير قد أشار إلى أن 7 في المئة من تلاميذ السنة السادسة ابتدائي أكدوا على تعاطيهم للمخدرات في المحيط المباشر للمؤسسة التعليمية.
أمينة بعجي، التي أسست أول مركز للاستماع إلى التلاميذ في مدينة الرباط داخل المؤسسة التعليمية حيث كانت تعمل أستاذة لمادة الفلسفة،.. ثم أسست الجمعية في عام 2005،.. أكدت أن فكرة إنشاء مراكز الاستماع نشأت نتيجة للحاجة الملحة لتلاميذ يعانون من مشاكل متنوعة. وقد قالت: “عندما أنهي درسا حول الشخصية والاضطرابات النفسية والخوف والتردد وما إلى ذلك،.. كان التلاميذ يأتون إلي ويكشفون عن معاناتهم من مشاكل متنوعة. لذا قررت إنشاء مركز الاستماع لأن التلاميذ يحتاجون إلى هذه الجلسات”.
في حالة الحاجة إلى علاج للتلميذ، يتم إحالته إلى طبيب نفساني، في إطار التعاون بين الجمعية ووزارة الصحة،.. ومستشفى الأمراض العقلية “الرازي” في سلا والمستشفى الجامعي في الرباط.
بالإضافة إلى المشاكل المتعلقة بتعاطي المخدرات،.. يواجه العديد من التلاميذ تحديات علاقية وطبيعية، مثل مشاكل الطلاق والقضايا العاطفية، التي قد تصل في بعض الحالات إلى التهديد بالانتحار،.. وفقا لتصريحات بعجي. تقوم الجمعية بمعالجة هذه المشكلات من خلال مساعدة اجتماعية تتولى التعامل مع التحديات العلاقية.
وأشارت بعجي إلى أن مصدر المشكلات قد لا يكون دائما في التلميذ نفسه،.. ولكن قد يكون في البيئة العائلية والاجتماعية التي يعيش فيها. وقالت: “في كثير من الأحيان، يتم توجيهنا إلى الطبيب النفساني بخصوص التلميذ،.. ويخبرنا أنه لا يعاني من أي مشكلة، وإنما المشكلة تكمن في والديه. ولهذا، قمنا بالعمل على التربية الوالدية من خلال استدعاء الآباء والأمهات وتنظيم جلسات خاصة معهم داخل المؤسسات التعليمية”.