يشكل ميناء الداخلة الأطلسي أحد أبرز المشاريع الوطنية الكبرى التي تعكس بوضوح الرؤية الملكية المتبصرة في جعل الأقاليم الجنوبية للمملكة فضاء متكاملا للتنمية والازدهار، وجسرا حقيقيا يربط المغرب بعمقه الإفريقي.
هذا الورش العملاق، الذي يندرج ضمن البرنامج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه الملك محمد السادس سنة 2015، يهدف إلى إرساء تحول استراتيجي غير مسبوق في جهة الداخلة–وادي الذهب، عبر تحويلها إلى مركز اقتصادي إقليمي يحتضن الصناعات البحرية، ويعزز التجارة الدولية والطاقات المتجددة.
وفي هذا السياق، كشف نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أن نسبة إنجاز المشروع بلغت 50 في المائة، مؤكدا أن الميناء سيلعب دورا محوريا في دعم السيادة الطاقية للمملكة، خاصة مع برمجة تصدير الهيدروجين الأخضر عبره نحو الأسواق العالمية. وأضاف الوزير أن هذا المشروع ليس مجرد بنية تحتية بحرية، بل ركيزة سيادية تعكس طموح المغرب إلى تعزيز موقعه كقوة اقتصادية صاعدة على المستوى الإقليمي والقاري.
وتأتي هذه التصريحات خلال زيارة رسمية قام بها بركة إلى جهة الداخلة–وادي الذهب بمناسبة الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، حيث تم الوقوف على سير الأشغال وإعطاء الانطلاقة لعدد من المشاريع المهيكلة التي تشرف عليها الوزارة في المنطقة، في إطار دينامية تنموية شاملة تعرفها الأقاليم الجنوبية.
ويحمل مشروع ميناء الداخلة الأطلسي أبعادا اقتصادية وجيوسياسية عميقة، إذ سيشكل البوابة الأطلسية للمغرب نحو بلدان الساحل الإفريقي، ومنصة لوجستيكية رئيسية لتصدير واستيراد السلع والخدمات، فضلا عن كونه دعامة أساسية لمشاريع الطاقات النظيفة والاستثمارات الصناعية الجديدة في المنطقة.
ومع اقتراب اكتمال نصف الأشغال، تتجه الأنظار إلى الداخلة باعتبارها رمزا للنهضة المغربية الجديدة في الجنوب، حيث تتقاطع التنمية الاقتصادية بالسيادة الوطنية، ويجسد الميناء بذلك أحد أعمدة “مغرب المستقبل” كما رسم ملامحه الملك محمد السادس في خطبه الأخيرة.


