فاجأت وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية “AEMET” الرأي العام الدولي بخطوة ذات دلالة سياسية قوية، حين نشرت خريطة طقس تدرج الصحراء المغربية ضمن الحدود الرسمية للمملكة، دون أي تمييز ترابي أو انفصال بصري عن باقي المناطق.
الخرائط، التي رافقت تقريرا موسميا للفترة الممتدة من أبريل إلى يونيو، لم تكن اجتهادا فرديا من الوكالة، بل استندت إلى بيانات من خدمة “كوبرنيكوس لتغير المناخ” التابعة للاتحاد الأوروبي، ما يمنح الخطوة طابعا مؤسساتيا مدروسا يعكس تحولا حقيقيا في كيفية تعاطي مدريد مع قضية الصحراء المغربية.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تعتمد فيها مؤسسة إسبانية خرائط موحّدة للمغرب،.. فقد سبقتها عدة مؤسسات رسمية مثل شركة الملاحة الجوية “ENAIRE”، ووزارة العلوم،.. بل وحتى التلفزيون العمومي الإسباني “RTVE”. هذه الخطوات المتوالية تبرز التنزيل العملي للموقف الإسباني المعلن منذ مارس 2022،.. حين اعتبرت مدريد مبادرة الحكم الذاتي المغربية “الأكثر جدية وواقعية ومصداقية”.
اعتماد وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية للحدود المغربية الكاملة في تقاريرها المناخية ليس مجرد تفصيل جغرافي،.. بل يترجم انخراطا تدريجيا لمؤسسات الدولة الإسبانية في دعم سيادة المغرب على صحرائه. ولعل هذا ما دفع وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس،.. إلى التصريح مؤخرا بأن بلاده لن تبقى رهينة “وضع مجمد” دام نصف قرن،.. مشددا على أن الوقت قد حان “لانتقال حقيقي نحو الحلول الواقعية”.
وأضاف الوزير في حوار إذاعي: “أعتبر أنه من غير المسؤول تماما أن يختبئ البعض خلف شعارات بالية فقط للإبقاء على نزاع عمره خمسون سنة”، مؤكدا أن مدريد لن تسمح باستمرار الجمود لعقود أخرى.
في خضم هذا التحول، شدد ألباريس على متانة العلاقات مع المغرب، واصفا إياها بأنها “من بين الأقوى عالميا”،.. ولا تتفوق عليها – حسب قوله – سوى العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.