تعيش منطقة الجرف الأصفر على إيقاع مشروع صناعي جديد مرشح لتغيير موازين قطاع البطاريات الكهربائية، بعدما أعلنت شركة فالكون إنرجي ماتيريالز عن قرب دخول مصنعها التجريبي مرحلة التشغيل الفعلي. هذه الخطوة، التي تم الإعلان عنها في بلاغ رسمي بتاريخ 13 غشت، تمثل محطة مفصلية في مسار الشركة التي انتقلت من كندا إلى أبوظبي قبل أن تختار المغرب وجهة لتجسيد استراتيجيتها التوسعية.
المصنع التجريبي، المخصص لإنتاج مادة الغرافيت الكروي النقي والمغلف (CSPG)، سيشرع في إرسال أولى عيناته التجريبية ابتداء من شتنبر المقبل، على أن ينطلق التشغيل الصناعي خلال الربع الأخير من سنة 2025. هذه العينات ستكون موجهة بالأساس لاختبارات العملاء، تمهيدا لإبرام عقود توريد طويلة الأمد تخص مصنع فالكون التجاري المستقبلي، الذي يرتقب أن تصل طاقته الإنتاجية إلى 25 ألف طن سنويا.
الطاقة النظيفة تدفع المغرب إلى واجهة صناعة مكونات البطاريات العالمية
الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع تكمن في كونه أول تجربة صناعية من هذا النوع خارج الصين، في وقت أصبحت فيه قضايا السيادة الصناعية وتفكيك تبعية سلاسل التوريد من أبرز رهانات الاقتصاد العالمي.
ولتنفيذ هذا الورش، أسندت فالكون عقد بناء المصنع لشركة أوبن ستيل ستراكتشر،.. الفرع المحلي للمجموعة الصينية “أوبن بيلدينغ سيستمز”. وحسب المعطيات المعلنة، فإن أولى شحنات الفولاذ ستصل إلى موقع الجرف الأصفر مطلع شتنبر،.. فيما تم بالفعل نقل معدات المعالجة نحو المغرب قصد تركيبها وإجراء الاختبارات التقنية. الطاقة اليومية المقررة للمصنع التجريبي تقدر بـ 100 كيلوغرام من CSPG، ما يسمح بإطلاق برامج تأهيل صناعي واسعة النطاق.
أما على مستوى الجدوى الاقتصادية،.. فتتوقع فالكون أن يحقق مصنعها التجاري المرتقب أرباحا تشغيلية سنوية تناهز 152 مليون دولار،.. بهامش يقدر بـ 62 في المئة، وهو ما يعزز موقعها كمنافس عالمي جديد في صناعة مكونات البطاريات.
الرئيس المدير العام للشركة، ماتيو بوس،.. شدد في تصريحاته على أن هذا المشروع ليس مجرد محطة لإنتاج عينات،.. بل خطوة حقيقية نحو بناء سلسلة متكاملة لإنتاج الأنودات وتوفير بدائل موثوقة للأسواق العالمية.
اختيار المغرب لم يكن اعتباطيا، فموقع الجرف الأصفر يتوفر على ميناء من الطراز العالمي،.. وتكاليف تشغيل تنافسية، فضلا عن قربه الجغرافي من أوروبا وأمريكا الشمالية. كما يندمج المشروع في منظومة صناعية أوسع،.. بجانب مشروع COBCO المشترك بين مجموعة CNGR الصينية وصندوق الاستثمار المغربي “المدى”.
فالكون تراهن على نموذج متكامل يمتد من استغلال مناجم الغرافيت عالية الجودة في غينيا،.. مرورا بالتحويل الصناعي في المغرب، وصولا إلى تسويق المواد الموجهة لصناعة البطاريات.