بينما يترقب المشهد القضائي المغربي انطلاقة تاريخية في مجال العدالة الجنائية، دخلت الحكومة في سباق مع الزمن لتأمين التطبيق السليم لقانون العقوبات البديلة، المقرر دخوله حيّز التنفيذ ابتداء من 22 غشت 2025.
في هذا السياق، كشفت مصادر متطابقة أن الحكومة تستعد لإطلاق مسلسل تشاوري واسع النطاق، يروم وضع الأسس التنظيمية والتقنية لهذه الخطوة الإصلاحية غير المسبوقة. ومن المرتقب أن تفضي هذه المشاورات إلى صياغة دفاتر تحملات دقيقة، تحدد مجالات تدخل كل قطاع وزاري، وتوزيع المسؤوليات، وتوضيح الالتزامات المفروضة على مختلف الأطراف المعنية.
من أهم النقاط التي ستشملها هذه المشاورات، تحديد أنواع العقوبات البديلة المقترحة، ومعايير اختيار أماكن تنفيذها وشروطها، بالإضافة إلى آليات التتبع والتقييم التي ستضمن حسن تنزيلها على أرض الواقع.
في هذا الصدد، وجه رئيس الحكومة عزيز أخنوش تعليمات صارمة إلى كافة الإدارات المركزية والجهوية من أجل الانخراط الفعلي في هذا الورش، مع الدعوة إلى تعبئة المصالح التابعة لها، سواء تلك المرتبطة بالإدارة المركزية أو اللاممركزة أو بالمؤسسات العمومية تحت وصايتها، لتعزيز الوعي بأهمية هذه المرحلة المفصلية.
وشدد أخنوش، في منشور رسمي، على ضرورة تعزيز التنسيق مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج (DGAPR)، داعيا إلى تسخير كل الإمكانيات المتاحة لمواجهة التحديات التي قد تظهر خلال اللقاءات التنسيقية، بهدف ضمان تطبيق فعّال ومنسجم للقانون الجديد فور دخوله حيز التنفيذ.
كما دعت الحكومة كافة الوزارات إلى تعيين مخاطبين رسميين أو أكثر من داخل أجهزتها، تكون مهمتهم الأساسية التنسيق الدائم مع المندوبية العامة من أجل صياغة اتفاقيات شراكة واضحة، تدعمها خطط عمل سنوية على المستوى المحلي، مما يعزز النجاعة ويقوي التكامل المؤسساتي في هذا المجال.
وتعد هذه الخطوة جزءا من توجيهات ملكية سامية تروم بناء عدالة حديثة ومتجددة، تستجيب لتحولات المغرب الداخلية وتنسجم مع المعايير الدولية المعتمدة في مجال حقوق الإنسان. وبموجب هذه الإصلاحات، ستتمكن المحاكم من استبدال عقوبات السجن بعقوبات بديلة في عدد من القضايا التي لا تتجاوز عقوبتها خمس سنوات حبسا، مع استثناء حالات تكرار الجريمة.