تعيش وزارة الداخلية على وقع زلزال إداري غير مسبوق، بعدما شرعت المفتشية العامة للإدارة الترابية، بقيادة الوالي محمد فوزي، في تحقيقات معمقة همت عددا من العمالات والولايات، وذلك على خلفية تقارير رسمية رفعت الستار عن ممارسات مرتبطة بالفساد في تدبير الصفقات العمومية.
التحريات التي انطلقت مؤخرا طالت مسؤولين بارزين في أقسام الصفقات والأقسام التقنية، بينهم موظف نافذ بإحدى عمالات جهة الرباط–سلا–القنيطرة، يشتبه في استغلال موقعه للتلاعب في تمرير صفقات عمومية، إضافة إلى مهندس معروف داخل القسم التقني وردت في حقه شكايات تتحدث عن مطالبته مقاولين بعمولات مقابل تمكينهم من الظفر بمشاريع.
وتوجهت الأنظار بشكل خاص إلى عمالة قريبة من العاصمة، حيث يترقب متتبعون الحسم في ملف رئيس قسم ارتبط اسمه بابتزاز المقاولين والتحكم في صفقات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، خاصة بعد أن أحيل ملفه المدعم بالأدلة إلى المصالح المركزية للداخلية.
كما أظهرت التحقيقات وجود ممارسات أكثر خطورة تتمثل في شبكات محسوبية وتواطؤ بين بعض المسؤولين، تعمل على تحويل الصفقات العمومية إلى ريع شخصي، من خلال إقصاء شركات منافسة أو إخفاء وثائقها، وهي ممارسات موثقة داخل عمالة سلا.
وتشير المعطيات إلى أن هذه التحريات لن تقف عند حدود الاستماع إلى المعنيين، بل قد تفضي إلى قرارات تأديبية مشددة وإحالات على القضاء، في إطار مسعى لتطهير الإدارة الترابية وتعزيز مبادئ الشفافية والحكامة الجيدة، بعدما تحولت بعض الصفقات العمومية إلى بوابة للإثراء غير المشروع وتقويض ثقة المواطنين في المرفق العمومي.