في جريمة هزت المجتمع الأمريكي، ووضعت علامات استفهام حول الوجه الخفي لمواقع التواصل الاجتماعي، وجهت لمراهقة تبلغ من العمر 17 عاما تهمة قتل والدتها وزوج والدتها داخل منزلهما بولاية جورجيا، وذلك بعد شهور من إظهارها حزنا عميقا على المنصات الرقمية، في مشاهد بدت حينها مؤثرة، لكنها اتخذت منحى مريبا مع تطورات التحقيق.
وحسب تقارير وسائل الإعلام الامريكية، فإن سارة غرايس باتريك، الطالبة بالمرحلة الثانوية، كانت قد ظهرت للعالم كفتاة مفجوعة بعد العثور على والدتها كريستين (41 عاما) وزوجها جيمس بروك (47 عاما) مقتولين بالرصاص في سريرهما في 20 فبراير الماضي. بل إنها نشرت صورا مؤثرة، وكتبت تدوينات حزينة، وشاركت في جنازتهما بخطاب وداعي، لم يظهر فيه أي تلميح لما سيكشف لاحقا.

غير أن الشرطة، وبعد تحريات دامت لأشهر، أعلنت القبض على سارة يوم الثلاثاء، ووجهت لها تهمتي قتل وتهمتين بالاعتداء الخطير. وذكرت أن الفتاة كانت متواجدة داخل المنزل وقت الجريمة، وأبلغت الشرطة بعد أن وجدت شقيقتها الصغيرة (5 سنوات) الجثتين، مدعية أن شخصا مجهولا تسلل إلى المنزل وقتل والديها.
أشهر من التمثيل على وسائل التواصل الاجتماعي
لكن التحقيقات الرقمية ومراجعة محتوى حساباتها على “تيك توك” و”فيسبوك” أظهرت تناقضات مقلقة. إذ نشرت سارة تدوينات مؤثرة قالت فيها: “سنة من الآن، أنا وأختي سنكتشف جريمة مروعة، ولن يحضر والداي تخرجي ولا زفافي، ولن أودعهما حتى…”، كما نشرت صورا تبكي فيها وهي تحتضن ملابس والدتها.
وفي منشور آخر كتبت: “أشعر بالذنب لأنني لم أستيقظ قبل أن تجد أختي الصغيرة الجثتين”، وفي فيديو موجه لأمها كتبت: “لا أعلم إن كانت تعلم أنني كنت أحلم أن أكون مثلها”، بينما كانت تتقمص دور الابنة المحطمة.

التحقيقات كشفت مفاجآت أخرى، إذ تبين أن الفتاة تواصلت مع صانعي محتوى في مجال الجرائم الغامضة على “تيك توك”، تطلب منهم تسليط الضوء على ما حدث، وادعت أن مجهولا اقتحم المنزل، وحثت المتابعين على إعادة نشر روايتها.
إحدى الناشطات في هذا المجال نشرت محادثات تظهر أن سارة كانت تراسلها منذ يونيو، تحثها على التحدث عن الجريمة، وهو ما أدهش المتابعين بعد اعتقالها.
السلطات الأميركية، من جهتها، أكدت أن التحقيق لا يزال مفتوحا، وأن هناك “جبالا من الأدلة الرقمية والمادية” قادت إلى توقيف الفتاة، من بينها خطابها في جنازة والديها، حيث قالت في نهايته: “أنا آسفة”، عبارة فتحت باب التأويل: هل كانت تقصد الاعتذار على ما فعلته، أم مجرد كلمات عاطفية؟
وخلال مؤتمر صحافي، صرحت مسؤولة من مقاطعة كارول أن سلوك الفتاة كان ملفتا منذ البداية، لكن لم يكن هناك دليل كاف آنذاك. وأضافت أن بعض أفراد العائلة شككوا مبكرا في سلوك سارة، خاصة حين لم تذرف دمعة حقيقية رغم نبرة صوتها الحزينة.
سارة، التي تواجه الآن محاكمة كبالغة، ظلت لعدة أشهر تعيش في دور “الابنة المكلومة”، تنشر صورا، وتبدي تعاطفا مع شقيقتها الصغيرة، وتتحدث عن فقدانها المفجع، بينما كانت -بحسب المحققين- تخفي تورطا محتملا في واحدة من أكثر الجرائم إثارة للجدل في الذاكرة الحديثة.
يسعدني تلقي رسائلكم على: bouchraelkhattabi24@gmail.com