وضعت مجموعة العمل المالي الدولية (GAFI) الجزائر على قائمة “الدول الرمادية”، محذرة من قصور خطير في آليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب داخل البلاد. ولم يمض وقت طويل حتى جاء الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء 10 يونيو 2025، ليشدد الخناق، مصنفا الجزائر من بين الدول “عالية المخاطر” في هذا المجال، داعيا مؤسسات الاتحاد والدول الأعضاء إلى اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر في التعاملات المالية التي تشمل الجزائر.
المفوضية الأوروبية، أعلى جهاز تنفيذي في الاتحاد، لم تخف قلقها في بيان رسمي، مؤكدة أن الهدف هو حماية النظام المالي الأوروبي من تدفقات الأموال غير المشروعة، التي تشكل تهديدا متزايدا. وبموجب هذا التصنيف الجديد، تضاف الجزائر إلى قائمة الدول التي يجب التعامل معها بحذر شديد، إلى جانب دول أخرى تواجه تحديات مماثلة.
داخل الجزائر، أثار الإدراج موجة جدل سياسي واجتماعي. حاول الرئيس عبد المجيد تبون تهدئة الأجواء بوعود إصلاحات لم ترَ النور بشكل ملموس حتى الآن. وفي مايو الماضي، جدد تبون تعليماته لحكومته بالامتثال لتوصيات GAFI، مع التركيز على إغلاق سوق الصرف غير الرسمي “السكوار”، الذي يشكل حلقة مركزية في دورة الاقتصاد الموازية، حيث تمر عبره يوميا مليارات الدنانير دون شفافية أو رقابة.
لكن قرار المفوضية الأوروبية الأخير لم يكن عفويا، فقد استند إلى تقييم شامل استند إلى معطيات GAFI بالإضافة إلى معلومات ميدانية دقيقة جمعت خلال زيارات ومساعٍ دبلوماسية بين الاتحاد الأوروبي والسلطات الجزائرية. هذا القرار يعكس قلقا دوليا متزايدا من استمرار الجزائر في توفير ملاذ آمن لتدفقات مالية مشبوهة.
ملف غسل الأموال وتمويل الإرهاب
في سياق متصل، كشف تقرير استخباراتي إسباني صدر قبل أيام عن علاقة وثيقة بين دعم الجزائر لجماعة البوليساريو الانفصالية وارتباط هذه الأخيرة بالجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، لا سيما تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وهو ما يشير إلى أن الدعم الجزائري للبوليساريو لا يقتصر على السياسة فقط، بل يمتد إلى تمويل وشراء الولاءات عبر شبكات تمويل غير قانونية، ما يفاقم خطر الإرهاب في شمال وغرب إفريقيا.
المنظمات الإنسانية الإسبانية الناشطة في مخيمات تندوف دعت بدورها إلى مزيد من الحذر في تقديم المساعدات، مطالبين بإدارة التوزيع بشكل مباشر لتفادي انحراف المساعدات عن مستحقيها.
هذا التوتر الإقليمي يتفاقم مع سيطرة الجيش الموريتاني على منطقة لبريكة في شمال شرق موريتانيا، والتي تحولت بفضل دعم الجزائر والبوليساريو إلى مركز لعمليات تهريب السلاح والمخدرات، مما يعزز استقرار هذه الشبكات الإجرامية في قلب منطقة الساحل المتأزمة.