الأكثر مشاهدة

التطبيع يعود لإحراج بنكيران.. فهل ما زال حزب العدالة والتنمية يمتلك خطابا واضحا؟

فاجأ عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، المتتبعين حين تهرب من الإجابة عن سؤال بسيط ومباشر: هل سيلغي التطبيع مع إسرائيل في حال عاد إلى رئاسة الحكومة؟ السؤال طرح عليه خلال المؤتمر الجهوي السابع لحزبه بجهة بني ملال خنيفرة، لكن الرد جاء باردا: “لكل مقام مقال”. عبارة مقتضبة، لكنها كافية لتثير سيلا من التساؤلات حول موقف الرجل وحزبه من ملف يزداد ثقلا يوما بعد يوم.

بين الأمس واليوم.. خطاب متناقض

من المفارقات اللافتة أن حزب العدالة والتنمية، الذي كان في موقع القرار لحظة توقيع اتفاق استئناف العلاقات بين الرباط وتل أبيب سنة 2020، اختار لاحقا موقع المعارضة للنأي بنفسه عن مسؤولية التطبيع، رغم أن التوقيع تم تحت إشراف وزرائه، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة آنذاك، سعد الدين العثماني.

- Ad -

تبدل الخطاب بعد سقوط الحزب في انتخابات 2021، وبدأ قادته يتحدثون عن “خيارات الدولة”، محاولين تقديم أنفسهم كضحايا قرار فرض عليهم، مع أن الوثائق والوقائع تؤكد مشاركتهم فيه.

التهرب من الجواب لا يمكن تفسيره فقط بالحكمة السياسية أو “الذكاء الخطابي”، بل يكشف عن أزمة عميقة داخل حزب لم يستطع حتى الآن إنتاج موقف منسجم ومتوازن بين مبادئه الإسلامية ومشاركته في قرارات الدولة الاستراتيجية.

صمت بنكيران قد يكون محاولة لتفادي التناقض بين خطابه الموجه لقاعدته الإسلامية – الرافضة للتطبيع – وبين إدراكه أن علاقات المغرب مع إسرائيل تحظى بدعم واضح من الدولة وتخدم ملفات استراتيجية، أبرزها قضية الصحراء المغربية.

ماذا يخفي بنكيران؟

المثير في الأمر أن بنكيران، الذي لطالما تميز بخطاب مباشر وجريء، اختار فجأة نبرة الحذر والانسحاب. فهل الأمر متعلق بإعادة ترتيب أوراق الحزب استعدادا للعودة المحتملة إلى الحكومة؟ أم أن الرجل لا يريد تكرار خطأ العثماني، الذي “احترق سياسيا” بسبب توقيعه على اتفاق لم يغتفر له في قواعد الحزب؟

الأكيد أن بنكيران، بتهربه من الجواب، فوت على نفسه فرصة لتوضيح موقفه، وترك الباب مفتوحا لتأويلات كثيرة، ليس أقلها أن الحزب فقد القدرة على التمييز بين معارضته للدولة وحرصه على البقاء داخل هامشها.

مقالات ذات صلة