تحولت ساحة البرلمان بالعاصمة الرباط إلى بؤرة غضب مدني جديد، بعدما أعلنت 23 هيئة حقوقية عن نزولها للاحتجاج، مساء فاتح يوليوز المقبل، ردا على التعديلات المثيرة للجدل التي جاءت بها الحكومة في مشروع قانون المسطرة الجنائية.
الهيئات المنضوية تحت لواء “المبادرة المدنية” عبرت عن استنكارها الشديد لما وصفته بمحاولة خنق أدوار المجتمع المدني، من خلال منع الجمعيات من التبليغ عن جرائم الفساد والنهب، في وقت يتزايد فيه الحديث عن تفشي مظاهر الإفلات من العقاب. الجمعيات لم تخف قلقها من محاولة تكميم أفواه الأصوات التي اعتادت أن تفضح شبكات التلاعب بالمال العام،.. وتراقب عن كثب خيوط الإثراء غير المشروع.
الغضب المدني لا يتوقف عند حدود الوقفة المقبلة، فقبل أيام فقط،.. شهد المكان نفسه وقفة احتجاجية مماثلة نظمتها الجمعية المغربية لحماية المال العام،.. نددت خلالها بما وصفته بـ”محاولات حكومية ممنهجة لحماية ناهبي المال العام من المساءلة القانونية”،.. خاصة من خلال مواد مفصلية كمادتي 3 و7 من المسطرة الجنائية الجديدة.
وبينما ترى هذه الجمعيات أن الحكومة تسعى لتحصين شبكات الفساد من الملاحقة،.. خرج وزير العدل عبد اللطيف وهبي ليؤكد، بشكل قاطع، رفضه تعديل هذا المنع،.. مبررا موقفه بوجود جمعيات – حسب تعبيره – “تستغل صلاحيات التبليغ في الابتزاز والتشهير بالمسؤولين العموميين”.
في المقابل، شددت الفعاليات المدنية على أن التضييق القانوني الذي تستعد الحكومة لتمريره يشكل ضربة قاسية للمكتسبات الحقوقية والدستورية في ما يتعلق بالشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، داعية إلى تعبئة شاملة لصد هذا المشروع.
وتوعدت الجمعيات بأن وقفتها القادمة ستكون “رسالة مباشرة” للحكومة،.. بأن المجتمع المدني لن يصمت أمام محاولات شرعنة الصمت والتواطؤ مع منظومة الفساد.