انهارت أسوار التكتم المحيطة بالحالة الصحية للرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، بعد إعلان رسمي عن إصابته بسرطان البروستاتا من النوع “العنيف”، مصحوب بانتشار نحو العظام، ما ينذر بمسار علاجي معقد، وربما نهاية صامتة لحياة سياسية صاخبة امتدت لعقود.
الخبر جاء متأخرا لكنه لم يكن مفاجئا. فقد أكدت مصالح بايدن الصحية، في بيان رسمي نشر الأحد، أن السرطان الذي يعاني منه “يتفاعل مع الهرمونات الذكورية”، وهو ما يفتح باب الأمل لعلاجات يمكنها كبح تطور الورم. مع ذلك، لا يزال مستوى المرض في مراحله المتقدمة، إذ بلغ 9 على مقياس “غليسون” الذي يتدرج إلى 10، ما يعني أن الخطر بات داهما.
بايدن، الذي غادر البيت الأبيض مطلع 2025 بعد عدوله عن الترشح لولاية جديدة وسط انتقادات متصاعدة، ظل متهما بإخفاء تراجع قدراته الجسدية والذهنية. ظهوره المتقطع، وانسحابه شبه الكلي من الواجهة الإعلامية خلال الأشهر الأخيرة، لم يكن من فراغ، بل نتيجة حالة صحية آخذة في التدهور.
وقد تزامن إعلان إصابته بالسرطان مع نشر تسريب صوتي عبر موقع Axios يعود إلى سنة 2023، يظهر الرئيس السابق وهو ينسى تواريخ مفصلية من حياته. التسجيل أجج الجدل، وفتح الباب أمام سيل من الانتقادات السياسية والطبية.
كما ينتظر أن يصدر الثلاثاء كتاب تحقيقي يوثق، وفق ما أوردت الصحافة الأمريكية، تفاصيل “التعتيم المنظم” الذي مارسته إدارة بايدن السابقة لإخفاء ضعف قدراته مع تقدم ولايته. الكتاب يوثق لحظات غياب شبه كامل عن الإدارة اليومية، وانعزال عن الإعلام، حتى في زيارات رسمية مثل تلك التي قادته إلى أنغولا، حيث ظهر وكأنه يغط في النوم.
المعارك السياسية تستكمل بهجمات شخصية
البيت الأبيض، ورغم محاولاته الدفاع عن أداء بايدن، لم يتمكن من حجب الانتقادات، خاصة مع دخول دونالد ترامب على الخط، الذي استغل الوضع ليعيد وصف خصمه السابق بـ”جو النائم”، قائلا: “بايدن لم يكن من أولئك الذين يتجاوزون التسعين بكامل لياقتهم.. كان يخفي الكثير، والإعلام كان يسايره”.
بايدن من جهته نفى وجود “تراجع إدراكي”، وصرح في حوار تلفزيوني مع ABC بداية مايو: “لم يكن هناك ما يدعو للذعر، لقد أنجزت الكثير حتى بعد انسحابي من سباق الرئاسة”.
ورطة صحية وسياسية في آن
من المعروف أن سرطان البروستاتا يعد من أكثر أنواع السرطان شيوعا لدى الرجال، ويمثل قرابة 15% من إجمالي الإصابات. وفي حالة بايدن، فإن طبيعة الورم “الهورمونية” قد تسهل العلاج مؤقتا، لكنها لا تلغي أن الحالة باتت مرتبطة بانتشار إلى العظم، مما يرفع من درجة الخطورة.
في الوقت الحالي، يؤكد مكتبه أن الرئيس السابق وعائلته بصدد مناقشة خيارات العلاج مع الفريق الطبي، لكن يبدو أن ساعة الحقيقة قد دقت، ومعها انتهت صفحة من التاريخ السياسي الأمريكي الحديث.