لم يطل فرار الملقب بـ“النمر المقنع” في سلا، بعد أن تحول إلى أحد أبرز الوجوه التي أثارت جدلا واسعا خلال الأحداث التخريبية المصاحبة لبعض احتجاجات ما يعرف بـ“جيل Z”. فقد ظهر هذا الشخص، البالغ من العمر 31 سنة، في مقاطع مصورة وهو يعتلي سقف سيارة أمنية، مشاركا رفقة آخرين في إضرام النار بمجموعة من سيارات الشرطة، في مشهد استفز الرأي العام وأثار موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي.
الفيديو، الذي انتشر كالنار في الهشيم، لم يكن مجرد مادة للفرجة، بل أصبح دليلا حاسما استندت إليه المصالح الأمنية لإطلاق عملية بحث دقيقة، اعتمدت فيها تقنيات متطورة للتعرف على الوجوه. وبعد أيام قليلة، انتهى المشهد في واحد من مقاهي المدينة، حيث جرى توقيف “النمر المقنع” وهو يحتسي الشاي بهدوء، غير مدرك أن العيون كانت تترصده.
وبمجرد اعتقاله، وضع المشتبه فيه رهن تدابير الحراسة النظرية تحت إشراف النيابة العامة المختصة، قصد تعميق البحث والكشف عن جميع المتورطين في أعمال العنف والتخريب التي عاشتها المدينة، وكذا تحديد الجهات أو الأطراف التي قد تكون وراء التحريض على هذه السلوكات.
وتندرج هذه العملية في إطار الاستراتيجية الأمنية التي باشرتها مختلف الأجهزة منذ بداية الأحداث، والتي ترتكز على الحزم في فرض النظام العام ومحاسبة كل من تسول له نفسه الاعتداء على الممتلكات أو رموز الدولة. فالقانون، كما شدد مسؤولون أمنيون، يظل السقف الأعلى الذي يحتكم إليه الجميع، وأعمال الفوضى والعنف لن تمر دون عقاب.
بهذا التوقيف، تكون مدينة سلا قد طوت إحدى الصفحات السوداء التي رافقت احتجاجات “جيل Z”، في انتظار أن يكشف البحث القضائي عن بقية الخيوط التي ستضع النقاط على الحروف حول خلفيات هذه الأحداث.