تمت ممارسة تربية الخيول وتجارتها منذ عصور بعيدة، ولكن بمرور الوقت، تطورت هذه الصناعة باتجاه يتسم باللامبالاة تجاه احتياجات الحيوانات. فبينما كانت الخيول في الماضي تستخدم في الأغراض الزراعية، فإنها اليوم غالبا تعامل كشركاء ترفيهيين أو أصدقاء، وأحيانا حتى كأدوات للأنشطة الرياضية.
أنفانيوز – بقلم بشرى الخطابي
تركز صناعة تربية الخيول عديمة الضمير بشكل رئيسي على تحقيق الأرباح،.. دون النظر إلى صحة ورفاهية الحيوانات. وبفضل الطلب المتزايد على الخيول بمظهر محدد وأداء معين، تم تجاهل العديد من الاحتياجات الأساسية للحيوانات.
رغم أن جوانب الرفق بالحيوانات مثل شروط الحفاظ والرفض لتدابير تحسين الأداء في رياضات الفروسية قد أصبحت معروفة على نطاق واسع،.. إلا أن هذا الوعي لا ينعكس بنفس القدر في صناعة تربية الخيول. في هذا المجال، يتم التركيز بشكل رئيسي على تحقيق الأرباح القصوى على حساب الرفاهية والصحة الحيوانات التي تظل في غالب الأحيان على هامش الاهتمام.
تربية الخيول وتجارتها
من الضروري على أي شخص يفكر في تربية الخيول أو شراءها أن يكون على علم بالحقائق القاسية في هذه الصناعة. تربية الخيول تشمل عملية التزاوج المخططة والمستهدفة لتحقيق أهداف محددة،.. تتمحور في العديد من الأحيان حول تحقيق أقصى قدر ممكن من الأرباح. يتم التركيز خلال هذه العملية على زيادة أداء واستعداد الخيول، بالإضافة إلى الحفاظ على خصائص السلالات المعينة وتحسينها.
على الرغم من أن المربين غالبا ما يدعون أن التربية تتماشى مع صحة الحيوانات،.. فإن الواقع يكشف عن استخدام أساليب قاسية وتعذيب في بعض الأحيان،.. مما يظهر انعدام الضمير في هذه الصناعة. بالإضافة إلى ذلك، يواصل المربون إنتاج الخيول بشكل جماعي، في حين أن هناك آلاف الخيول التي تبحث عن منازل جديدة أو تقتل بسبب قلة المساحة والطلب.
ما هي تربية الخيول؟
في مجال تربية الخيول،.. يلاحظ غياب تصنيف واضح يعترف فيه بمفهوم “تربية التعذيب” الذي أصبح مألوفا في تربية الحيوانات المنزلية والهواية، خاصة عندما يتعلق الأمر برفاق الحيوانات. يتم وضع متطلبات محددة ومتنوعة على الخيول من قِبل راكبي الخيول وأصحابهم ومربيهم، حيث يقدر الحصان الذي يلبي توقعاتهم الشخصية.
تتنوع هذه التوقعات بين المظهر البصري والأداء،.. حيث يمكن أن يكون التركيز على المقاس، أو لون الفراء، أو لون الرأس، أو الشارات والسمات الشخصية المرغوبة. بعض المربين يهتمون بالخيول لأغراض العمل، مثل الزراعة أو الركوب، بينما يُخصّص آخرون لخيول الرياضة مثل القفز والسباق وغيرها.
التربية القاسية
فيما يتعلق بالكلاب والقطط، يتفق الخبراء على أن بعض السلالات تعاني من مشاكل صحية معينة وقيود صحية. ومع ذلك، فيما يتعلق بالخيول،.. لم يتم إجراء دراسات كافية في هذا المجال. ومع ذلك، هناك أنواع معينة من الخيول وسلالاتها تعاني من مشاكل صحية بشكل أكثر تكرارا من غيرها.
على سبيل المثال، يعتبر حصان الربع واحدا من أشهر سلالات الخيول ويعتبر مثالا على السلالات التي تعاني غالبا من مشاكل صحية. يركز العديد من المربين وأصحاب الخيول على تربية الحيوانات ذات العضلات القوية أو بألوان معينة من أجل النجاح الرياضي أو لأغراض التكاثر. ومع ذلك، يؤدي هذا التركيز المحدود إلى معاناة كبيرة للخيول،.. حيث إن العديد منها يعاني من الأمراض الوراثية مثل مرض العضلات HYPP والذي يسبب أعراضا مثل التشنجات وضعف العضلات.
بالإضافة إلى ذلك، ينتشر المرض الجلدي HERDA بشكل واسع بين بعض السلالات. الخيول المصابة بهذا المرض لديها بشرة حساسة وهشة للغاية،.. مما يجعلها عرضة للإصابة عند الركوب. في بعض الحالات، يصل الخيول إلى مرحلة لا يمكن علاجها بسبب المشاكل الصحية المرتبطة بالتربية، مما يستدعي إتخاذ قرارات صعبة بالتخلص منها بالقتل الرحيم.
إقرأ أيضا :آلية جديدة لدعم استيراد الأغنام: عيد الأضحى مؤكد في المغرب؟
نظرا لأن أهداف التربية في هذه الحالات محددة بشكل ضيق،.. فإن المربون غالبا ما يستخدمون الحيوانات التي تحمل الأمراض الوراثية أو حتى الحيوانات المصابة في عمليات التربية، مما يزيد من معاناة الخيول ويتسبب في تدهور صحتها ورفاهيتها.
في السنوات الأخيرة، تعرض مربي الخيول العربية لانتقادات خاصة بسبب ما يعتبر تربية تعذيب. في عام 2017، أثار المهر المعروف باسم “El Rey Magnum” جدلا كبيرا في وسائل الإعلام،.. حيث كان شكل رأسه الفريد والمتطرف أكثر من التقليدية للخيول العربية الأصيلة. تتميز الخيول العربية الأصيلة بشكل رأسها الذي يعرف باسم “رأس الرمح”، حيث يكون أنفها منحنيا قليلا بشكل مقعر بدلا من أن يكون مستقيما. ومع ذلك، بفعل التربية المستهدفة،.. أصبح شكل الرأس هذا أكثر تطرفا.
بعد ولادة المهر، انتقد أحد خبراء الخيول هذا التشوه البارز وأشار إلى أنه يمكن أن يؤثر سلبا على تنفس الحصان، حيث إن الخيول تتنفس فقط من خلال ما يعرف بفتحات الأنف. وبما أن الخيول العربية تعتبر حساسة للغاية وعصبية للغاية، فإن مثل هذا التشوه الصحي يعني وضعا دائما للضغوط الهائلة على صحتها ورفاهيتها.
هل تربية الخيول مربحة؟
الربح يأتي في مقدمة الأولويات على رعاية الحيوان في صناعة تربية الخيول. على الرغم من أن من المفترض أن يتم توجيه اهتمام متزايد لضمان إنتاج مهور صحية على الأقل، إلا أن الأداء المستقبلي واستغلال الحصان لا يزالان في الصدارة.
على الرغم من أن معدل الإخصاب يكون أعلى عند ترك الحيوانات للتلقيح الطبيعي في المراعي،.. إلا أن التلقيح الاصطناعي أصبح يجرى عادة في مزارع التربية. يبرر المربون هذا الاختيار بأنه يقلل من خطر الإصابة والعدوى ويسمح بالتلقيح في فترة إباضة الفرس بشكل محدد. ومع ذلك،.. فإن حوادث خطيرة لا تزال تحدث بانتظام في هذا السياق أيضا. صناعة تربية الخيول تستخدم تقنيات جديدة مثيرة للجدل،.. مثل تأجير الأرحام والتلقيح الاصطناعي وجمع الحيوانات المنوية وتعرف الجنس في أنابيب الاختبار. هذه التقنيات تهدف إلى تحسين جودة وأداء الخيول وزيادة الإنتاجية، ولكنها تثير أيضا تساؤلات حول الأخلاقيات والتأثيرات الجانبية.