لم تعد روائح السمك والخضر الطازجة تعبق جنبات حي “غوتييه” الراقي وسط مدينة الدار البيضاء، بعد أن ظل سوق “الشاوية” مغلقا لعدة شهور عقب نهاية أشغال إعادة تأهيله، مما أثار حيرة الساكنة وتساؤلاتها حول الأسباب الخفية وراء هذا التأخير غير المبرر.
ففي شهر ماي 2024، أطلقت سلطات المدينة مشروعا طموحا لتأهيل الحديقة الجماعية ومرافق السوق الجماعي المحاذي لها، ضمن ورش تنموي شاركت فيه الجماعة الحضرية ومبادرة التنمية البشرية، وشمل إعادة تهيئة الفضاءات الخضراء، وتحديث بنايات السوق وتزويده بمرافق جديدة كالمصعد وتوسيع المحلات.
النتائج كانت مبهرة على مستوى الشكل: سوق عصري، مجهز بالكامل، مستعد لاستقبال الزوار والباعة على حد سواء. غير أن الواقع ظل بعيدا عن الوعود، إذ لم تفتح أبوابه بعد، ما جعل السكان يتساءلون: أين ذهب الباعة؟ وهل سيتمكنون من العودة إلى محلاتهم الأصلية؟
حسب تصريحات جواد رصام، نائب رئيس مقاطعة سيدي بليوط، فقد تم في البداية إشراك التجار في المشروع،.. مع وعد واضح بإرجاعهم إلى أماكنهم الأصلية فور نهاية الأشغال، مع شرط تسوية متأخراتهم من واجبات الكراء والمستحقات الشهرية. غير أن الأمور تعقدت، حسب المتحدث، بعد تدخل مجلس المدينة الذي فرض كناش تحملات جديد يتضمن التزامات ورسوم إضافية، الأمر الذي رفضه الباعة جملة وتفصيلا.
إقرأ أيضا: شركة “سي إن جي آر” الصينية تدخل السوق المغربية عبر بوابة الدار البيضاء
الرافضون اعتبروا هذا الإجراء غير قانوني، على اعتبار أن المشروع يندرج ضمن خانة التأهيل وليس بناء سوق جديد،.. مؤكدين أن فرض شروط جديدة على تجار عمروا السوق لأكثر من أربعين سنة هو ضرب لاستقرارهم المهني والاجتماعي.
وهكذا، وبين كناش تحملات جديد ورفض التجار، يقبع سوق الشاوية اليوم خاليا من الحياة، أبوابه موصدة،.. ومرافقه صامتة، فيما يظل سكان الحي محرومين من خدمات يومية أساسية،.. ووسط غياب أي تواصل رسمي من الجهات المعنية،.. تبقى الأسئلة معلقة في الهواء… إلى متى ستبقى هذه المنشأة الحيوية دون روح؟