فجرت مشاهد بث مباشر لحفل زفاف أقيم داخل قاعة تابعة لمسجد زاوية صوفية بمنطقة العوامة في مدينة طنجة، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن ظهرت فرق موسيقية وزغاريد ورقص وتصفيق داخل فضاء كان يفترض أن يحتضن السكينة والذكر.
الحفل الذي نظم يوم 15 يونيو الجاري داخل أحد فروع الزاوية العجيبية بدشار العوامة، خلف موجة من الاستياء في أوساط سكان الحي وعدد من المتابعين، الذين رأوا في الحدث “تدنيسا لهيبة الزاوية” وضربا لقيمها الصوفية الراسخة.
الزاوية العجيبية تتبرأ من العرس وتصفه بـ”الفضيحة”
إدارة الزاوية العجيبية لم تتأخر في الرد، إذ أصدرت بيانا شديد اللهجة أعلنت فيه رفضها المطلق لإقامة ما وصفته بـ”العرس الغنائي” من طرف “مجموعة من المنشقين الخارجين عن نهج الزاوية وتعاليمها”، مؤكدة أن ما وقع “يندى له الجبين” ويتنافى مع مبادئ الزهد والسكينة التي أسس عليها العلامة أحمد بن عجيبة مدرسته الروحية.
وأكد البيان أن الحفل تم دون أي إذن رسمي من شيخ الزاوية أو مسؤوليها، مشددة على أن الجهة المنظمة لا علاقة لها بالزاوية لا من قريب ولا من بعيد، ودعت إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية للحد من “تشويه صورة التصوف المغربي الأصيل”.
رأي مغاير يستند إلى السنة النبوية
في المقابل، دافعت صفحة محسوبة على الطريقة العجيبية الدرقاوية عن إقامة الحفل، معتبرة أن “ما وقع لا يخالف الشريعة” بل يستند إلى أحاديث نبوية صحيحة تبيح إشهار الزواج في المساجد وضرب الدف فيه.
واستشهدت الصفحة بحديث نبوي ورد في سنن الترمذي: “أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدف”. كما استحضرت حادثة لعب الحبشة بحرابهم داخل مسجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي لم تقابل بأي نهي، بل وجد فيها بعض العلماء دليلا على جواز الفرح في بيوت الله.
هذا النقاش فتح الباب أمام جدل أوسع حول حدود استعمال فضاءات الزوايا الصوفية، ومدى مشروعية إقامة الأعراس أو الأنشطة الفنية داخلها، في ظل تباين المرجعيات والمواقف. فبين من يرى الزاوية قلعة للسكينة والتنسك، ومن يعتبرها فضاء رحبا يحتمل الفرح والاحتفال وفق ضوابط الشرع، يبقى السؤال مفتوحا: ما هي حدود “المباح” في فضاءات التصوف المغربي؟