تعيش صناعة الطاقة النووية في المغرب حالة من التحضيرات والتحركات، وذلك في ظل التوقعات بزيادة عدد المفاعلات النووية حول العالم، في إطار الجهود المستمرة للانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة.
في هذا السياق، أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي، خلال مشاركته في معرض الطـاقة النووية العالمي في باريس، على أن العديد من الدول ستبدأ إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة النووية في السنوات القادمة.
وفي تصريحاته التي نقلتها وكالة رويترز، أكد غروسي أنه وفقا لحسابات وكالة الطاقة الذرية،.. يصبح من الضروري مضاعفة عدد المفاعلات النووية في العالم، التي تقدر حاليا بنحو 400 وحدة، وذلك لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
وفيما يتعلق بالمغرب، أكد غروسي أن البلاد من بين الدول التي يتوقع أن تنضم إلى الدول النووية الجديدة، جنبا إلى جنب مع غانا وكينيا ونيجيريا وناميبيا والفلبين وقازاخستان وأوزبكستان. وفقًا للمعلومات التي نشرت على منصة الطاقة المختصة، يتوقع أن تصبح هذه الدول جزءا من مستقبل الطاقة النووية في العالم.
وفي إشارة إلى التطورات الواعدة في هذا القطاع، أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن هناك عشر دول دخلت مرحلة اتخاذ القرار ببناء محطات للطـاقة النووية، بالإضافة إلى 17 دولة أخرى تقوم حاليا بتقييم إمكانية اعتماد هذه التقنية. وتتوقع الوكالة أيضا ظهور 12 أو 13 دولة نووية جديدة في الفترة القادمة، ما يعكس التحول الكبير الذي يشهده قطاع الطاقة النووية على مستوى العالم.
أهمية الطاقة النووية بالنسبة للمغرب
يمتد تاريخ تطلعات المغرب نحو استيعاب تكنولوجيات الطاقة النووية على مر العقود، سواء في فترة الاستعمار أو بعد الاستقلال، وصولا إلى الزمان الحالي. تسعى المملكة جاهدةً للاستحواذ على هذه التكنولوجيات بهدف تعزيز عمليات تحول الطاقة.
وتم التوصل إلى اتفاق بين المغرب وروسيا يهدف إلى تعزيز قدرات المملكة في مجال الطاـقة النووية، التي تخطط المملكة لاستخدامها لأغراض سلمية، سواء كان ذلك في إنتاج الكهرباء أو الاستخدام في مجالات البحث والتطوير. ومن هنا، يظل الاعتماد على الطاقة النووية خيارا ضروريا في خطط المملكة لتأمين استقرار إمدادات الطاقة وضمان أمنها الطاقي.
في إطار هذه الخطط، اعتمدت الحكومة المغربية عام 2030 كموعد نظري لدمج التكنولوجيا النووية في مزيج الكهرباء الوطني، ما يعني أن بدأ تشييد أول مفاعل نووي سيكون قبل هذا التاريخ. وفي تصريحات سابقة، أشارت وزيرة الانتقال الطاقوي والتنمية المستدامة المغربية، ليلى بنعلي،.. إلى أن البلاد قامت بتقييم شامل لاستخدام الطـاقة الـنووية في إنتاج الكهرباء في عام 2015.
التحضيرات والتحديات
أكدت وزيرة الانتقال الطاقوي والتنمية المستدامة المغربية، ليلى بنعلي،.. على وجود قاعدة بيانات وخبرات غنية تمثل استعدادات جوهرية لاتخاذ قرار وطني بإنتاج الكهرباء من الطـاقة النووية. يأتي هذا في سياق التزايد في الطلب على الكهرباء والمخاوف المتزايدة من عدم كفاية الطاقة المتجددة.
تاريخ المغرب مع الطـاقة النووية يمتد لسنوات طويلة،.. حيث حاولت المملكة في ستينيات القرن الماضي الحصول على تكنولوجيا نووية بمساعدة الولايات المتحدة. ومع ذلك، واجهت تحديات مثل نقص الفنيين والمهندسين المدربين،.. إلى جانب ظروف جيوسياسية.
في إطار مذكرة التفاهم بين المملكة وروسيا، التي تم التوقيع عليها في أكتوبر 2022،.. تقدم موسكو الدعم التقني والعلمي للمغرب،.. إلى جانب المساعدة في مجال الوقود النووي وإدارة النفايات النووية. يعكس هذا الاتفاق التزام المغرب بتعزيز قدراته في مجال الطـاقة النووية والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.
من جهة أخرى، أشار الخبير في اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي،.. إلى ضرورة اعتماد المغرب على الطـاقة النووية في الوقت الراهن، مشيرا إلى حاجته الملحة لهذه الطاقة لتلبية الاحتياجات المتنوعة للبلاد.
وفي تصريحاته، أكد الدكتور أنس الحجي قائلا: “تظهر بعض المخاوف بشأن التكنولوجيا النووية في بعض الدول وبين بعض الشعوب،.. وهذه المخاوف غير مبررة. يتعين علينا أن ندرك أن هناك أربع دول عربية تحتاج بشكل ماس إلى الطاقة النووية قبل أن تواجه أزمة كبيرة في مجال الطاقة،.. وهذه الدول هي السعودية ومصر والجزائر والمغرب”.
وأضاف الحجي أن الأمر الطريف في هذا السياق هو أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن،.. وبشكل خاص وزيرة الطاقة، تفتخر بجهودها في محاولة حل أزمة الطاقة العالمية بشكل جذري،.. وذلك من خلال اعتمادها على الطاقة النووية.