تبعا لنتائج نقل الحكومة المغربية لثلاثة عقارات تابعة للسفارة الجزائرية في العاصمة الرباط إلى قائمة العقارات المرشحة للمصادرة لتوسيع مقر وزارة الخارجية، أثارت هذه الخطوة ردود فعل متشنجة من الجزائر. وفي بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، وصف هذا الإجراء بأنه “مرحلة جديدة من التصعيد والتصرفات الاستفزازية”. وأكدت أنها سترد على هذه “الاستفزازات” باستخدام كافة الوسائل الملائمة، بما في ذلك السبل القانونية المتاحة، بما في ذلك التعاون مع الأمم المتحدة، لحماية مصالحها.
وفي سياق متصل، أشارت مصادر رسمية مغربية إلى أن بيان وزارة الخارجية الجزائرية “يحمل مجموعة من الادعاءات التي تهدف إلى تضليل الرأي العام المحلي والدولي”. وأوضحت هذه المصادر أن المباني المعنية هي في الأساس هدايا من المغرب للجزائر، مع الإشارة إلى أن المقر الجديد للسفارة الجزائرية في طريق زعير كان هدية من الملك محمد السادس، بمبادرته الشخصية، حيث قدم أكثر من 5000 متر مربع لإنشاء سفارة جزائرية في إحدى أرقى مناطق الرباط.
وأوضحت هذه المصادر أيضا أن المغرب يلتزم بالقوانين والمساطر القانونية في هذا السياق،.. ويحترم الاتفاقيات الدولية التي وقعها، بما في ذلك اتفاقية فيينا. وأشارت إلى أن عملية نقل ملكية هذه العقارات تمت وفقاً للقوانين الوطنية المنظمة لنزع الملكية لأغراض المصلحة العامة،.. والتي بدأت بمبادرة من وزارة الاقتصاد والمالية، وبمشاركة وزارة الداخلية، وفقا لقانون 81-7 الصادر في 6 مايو 1982، كما ورد في الجريدة الرسمية في 13 مارس 2024. وأشارت إلى أن هذه العقارات كانت هدايا من المملكة المغربية للجزائر، قبل أن يتم التفاوض على إخلائها وتبادلها بعقارات أكبر في منطقة طريق زعير.
وفيما يتعلق بأصل هذه الهدايا، تشير المصادر الرسمية إلى عام 1988، حين تحسنت العلاقات بين البلدين،.. بعد اجتماع بين الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد. وبمبادرة من الملك الراحل، وفي إطار تعزيز التآخي والمصالحة، ومع إنشاء اتحاد المغرب العربي في مراكش،.. تم تقديم هذه العقارات كعربون من الصداقة والتعاون بين البلدين.
عقارات السفارة الجزائرية “هدايا”.. والنظام العسكري نقض الاتفاق
أكدت مصادر لـ “الصحيفة”، أن قرار توسيع وزارة الخارجية يعود أساسا إلى فترة قبل عام 2008،.. حيث تم الاتفاق بين البلدين على نقل مقار السفارة الجزائرية من منطقة “شالة” إلى شارع “محمد السادس” في طريق زعير،.. حيث تبلغ قيمة المتر المربع للعقار الملايين بالمقارنة مع المقر السابق.
وكشفت نفس المصادر عن أن الملك محمد السادس هو من تبرع شخصيا، ومن ماله الخاص،.. بمساحة تقدر بحوالي 5000 متر مربع لبناء السفارة الجزائرية الجديدة في طريق زعير،.. كنوع من التعبير عن الصداقة بين البلدين، وكان من المتوقع أن تسير العلاقات في اتجاه إيجابي خلال عهده،.. حيث كان يسعى دائما إلى التواصل والمصالحة، ورفض الانقطاع.
وأوضحت نفس المصادر أنه بعد الانتهاء من بناء السفارة الجزائرية الجديدة، التي تفوق في مساحتها المقر القديم بأكثر من 10 مرات، طلبت وزارة الخارجية المغربية من الجزائر إخلاء المقر القديم وتسليمه للمغرب، وعلى الرغم من الاتفاق السابق بين الطرفين، تأخرت الجزائر في تسليم العقارات القديمة، مما أدى إلى مرور 16 عاما من التعثر.
وحذرت نفس المصادر من أن السفارة الجزائرية في مقرها السابق، الذي أشير إليه في بيان وزارة الخارجية،.. تعتبر في حالة مهملة، وأنه من حق المغرب طلب إخلاء جميع المباني المجاورة لوزارة خارجيته. وفي العديد من المرات، طالب المغرب الجزائر بتسليم المباني القديمة بموجب الاتفاق السابق الذي أتيح فيه العقار الذي شيدت عليه السفارة الجديدة،.. ولكن وزارة الخارجية الجزائرية رفضت تنفيذ الاتفاق، معتبرة هذا الطلب استفزازا أو انتهاكا لاتفاقية فيينا،.. بما أن القرار لم يكن يستهدف فقط المقر أو العقارات المهداة للجزائر بمفردها،.. وإنما كان يشمل العديد من المباني المجاورة التي تعود أيضا إلى مواطنين مغاربة وأجانب،.. في إطار إجراءات لنزع الملكية من أجل إعادة تنظيم منطقة شالة.