قضت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بإصدار أحكام مشددة ضد 28 شخصا، بينهم مهندسون وصيدلاني ومدراء جهويين بوزارة الصحة، إلى جانب رؤساء مصالح وأقسام وموظف سابق بالوزارة، ومسيري شركات أدوية. هؤلاء المتهمون كانوا متورطين في قضية تتعلق بالتلاعب في صفقات وزارة الصحة، وهي فضيحة هزت الرأي العام لارتباطها بتبديد المال العام واستغلال النفوذ.
القضية التي استمرت على مدى عدة جلسات، أسفرت عن إدانة المتهم الرئيسي بالسجن لمدة 8 سنوات نافذة، فيما نال بقية المتهمين أحكاما بالسجن تراوحت بين 3 و7 سنوات، بالإضافة إلى غرامات مالية كبيرة تتراوح بين 50 ألف درهم و800 ألف درهم. جميع المتهمين برئوا من تهمة “تكوين عصابة إجرامية”، ولكن تمت إدانتهم بتهم أخرى تتعلق بالتلاعب في الصفقات العمومية وتلقي رشاوى ومنافع غير قانونية مقابل تسهيل توريد معدات وأجهزة طبية لوزارة الصحة.
تفاصيل مثيرة حول التلاعب بصفقات وزارة الصحة
تعود جذور هذه القضية إلى مارس 2022، حينما أحالت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية،.. بتعليمات من المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية، ملف 31 شخصا على النيابة العامة. من بين هؤلاء 18 موظفا في وزارة الصحة و13 من أصحاب المقاولات والعاملين فيها. وجاءت هذه المتابعة بناء على شكاية قدمتها وزارة الصحة سنة 2019 حول اختلالات وصفتها بالخطيرة في إدارة الصفقات العمومية للوزارة.
التحقيقات التي أجريت كشفت عن تجاوزات كبيرة، من بينها استغلال النفوذ والرشاوى والارتشاء،.. إلى جانب إفشاء أسرار مهنية تخص تمرير وتنفيذ صفقات توريد معدات طبية للمستشفيات العمومية. وقد تمكنت السلطات من حجز مبالغ مالية ضخمة بالعملة الوطنية،.. كانت في حوزة مهندسين يعملان في وزارة الصحة، يعتقد أنها جاءت على سبيل الرشوة.
في إطار هذه التحقيقات، تم اتخاذ مجموعة من التدابير القضائية، شملت تفتيش الممتلكات،.. وتجميد الأموال والأرصدة البنكية للمتهمين. كما أخضعت العقود والصفقات المشبوهة التي أبرمتها الوزارة للمراجعة والتدقيق.
بعد جلسات استنطاق مكثفة، انطلقت المحاكمة العلنية في 27 مارس 2023. واستمرت أطوار القضية إلى أن أصدرت المحكمة أحكامها النهائية ليلة الجمعة 27 شتنبر 2024،.. لتغلق بذلك فصلا من فصول هذه الفضيحة التي أظهرت حجم الفساد المستشري في بعض القطاعات الحيوية، وعلى رأسها قطاع الصحة.