في زمن صار فيه الافتراضي يطغى على الواقعي، شهدت موريتانيا حدثا عجيبا أثار جدلا واسعا، بعدما خرجت مجموعة من الأشخاص إلى الشوارع للاحتفال بما وصفوه بـ“انتصار قومي” على منصة “تيك توك”. نعم، الأمر ليس مزحة، بل منافسة رقمية بين شابين انتهت بأهازيج وأعلام وكأنها مباراة في نهائي كأس العالم.
القصة بدأت عندما دخل شاب موريتاني يعرف بـ“غيث الموريتاني” في منافسة مباشرة عبر تيك توك مع المغربي الملقب بـ“الشكح”، مساء الخميس 25 شتنبر. وخلال دقائق، تحولت الجلسة الافتراضية إلى ما يشبه “معركة إلكترونية”، حيث استحضرت شعارات الوطنية والقومية لا من أجل الدفاع عن قضايا الأوطان، بل من أجل كسب مزيد من الهدايا الافتراضية التي تترجم في النهاية إلى أرباح مالية.
المشهد بلغ ذروته عند إعلان فوز “غيث الموريتاني”، إذ خرج بعض الموريتانيين إلى الشوارع للاحتفال وكأن بلادهم استرجعت أرضا ضائعة أو حققت إنجازا دبلوماسيا. لكن كل ما في الأمر، أن شابا جمع عددا أكبر من “اللايكات” والهدايا الافتراضية مقارنة بمنافسه المغربي.
الصور والفيديوهات المنتشرة قوبلت بسخرية لاذعة من المتابعين، الذين اعتبروا أن ما جرى “إهانة للعقل الجمعي” وفضيحة جديدة تكشف كيف تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى أداة لصناعة التفاهة وتضخيم اللاشيء.
وإذا كان الاحتفال في الماضي يرتبط بإنجاز رياضي أو سياسي أو علمي، فقد صار اليوم مرتبطا بمن فاز بجولة على تطبيق هاتفي. إنها بلا شك لحظة تختزل مأساة عصر بات فيه الوهم يسوق على أنه مجد، والتفاهة تقدم بلبوس الوطنية.