الأكثر مشاهدة

لماذا يعد اكتشاف فيروس أنفلونزا الطيور H5N1 في الفئران أمرا مثيرا للقلق؟

أظهرت بيانات جديدة صادرة عن وزارة الزراعة الأمريكية أن فئران المنازل في ولاية نيو مكسيكو، حيث تعاني بعض قطعان الأبقار من فيروس H5N1، أصيبت بفيروس أنفلونزا الطيور. هذا الاكتشاف أثار مخاوف متزايدة بشأن انتقال الفيروس إلى البشر، حيث يعتبر وجوده في الفئران أمرا مثيرا للقلق لخطر انتقاله بين الحيوانات والبشر.

تعتبر الفئران من الثدييات التي تتواجد بشكل شائع بالقرب من البشر، حيث تتواجد في المنازل والأماكن العامة مثل المكاتب والمطاعم. ومن خلال تجولها في هذه الأماكن والتحرك تحت الأرض، يمكن لفضلات الفئران – مثل البول والفضلات واللعاب – أن تنقل مجموعة واسعة من الأمراض، بما في ذلك فيروس أنفلونزا الطيور.

يشير الخبراء إلى أن اكتشاف الفيروس في الفئران يزيد من خطر التعرض للعدوى المباشرة، وبالتالي يجب اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة للحد من انتشار الفيروس وحماية الصحة العامة.

على الرغم من عدم نشر وزارة الزراعة الأمريكية أي تفاصيل حول طريقة إصابة الفئران بفيروس H5N1، يشتبه العلماء في أن هذه الكائنات ربما تكون قد تعرضت للفيروس أثناء تواجدها في مزرعة، حيث يعتقد أنها تناولت حليبا غير مبستر من الماشية المصابة.

وفي دراسة نشرت قبل شهر، تم توثيق وفاة عدد من القطط في ولاية تكساس، ويعتقد أنها أصيبت بالفيروس نفسه عبر ذات الطريق.

تحذر السلطات الأمريكية المستهلكين بشدة من شرب الحليب غير المبستر أو استهلاك أي منتجات ألبان أخرى، للوقاية من الفيروس.

تظل الفئران في حركة مستمرة وقادرة على نقل الأمراض بشكل فعال، حيث يمكن لها بسهولة التسلق والتنقل عبر الأنابيب والفراغات وغيرها من الأماكن الضيقة. وبتجمعها في مجموعات تصل أحيانا إلى عشرين فأكثر، تعيش الفئران بشكل تقريبي فوق بعضها البعض، مما يجعل من انتقال الفيروسات بينها أمرا سهلا.

بحسب الدكتور برايت، فإن “فئران المنازل التي تتواجد بالقرب من المزارع المصابة قد تسهم في انتشار فيروس H5N1 في المناطق السكنية، مما يجعل من الصعب جدا السيطرة على تفشي المرض. هذا يفوق القدرة على السيطرة عليه”.

ضرورة العمل الفوري

تعتبر القوارض بمثابة مستودعات للأمراض وهي مسؤولة عن العديد من الأوبئة المروعة. فقد انتقل الطاعون الدبلي،.. المعروف أيضا بـ “الموت الأسود” والذي أودى بحياة نصف سكان أوروبا في القرن الرابع عشر، عن طريق الفئران.

كما ينتقل فيروس حمى لاسا – والذي يتسبب في ما يقرب من 5000 حالة إصابة سنويا في غرب أفريقيا – عن طريق الفئران متعددة الثديات،.. التي تلوث مصادر الغذاء البشري بفضل إفرازاتها من البول والبراز.

أوضحت الدكتورة كروتيكا كوبالي، المتحدثة باسم جمعية الأمراض المعدية الأمريكية والمسؤولة الطبية السابقة بمنظمة الصحة العالمية: “ندرك أن الفئران قادرة على نقل مسببات الأمراض مثل فيروس هانتا، وداء البريميات، وLCMV”.

وأضافت: “من الممكن أن يكون الفيروس H5N1 من بين هذه المسببات،.. ولكن ينبغي علينا إجراء المزيد من الدراسات لفهم هذا الأمر”.

من جانبه، أشار الدكتور برايت إلى أهمية إجراء اختبارات شاملة وعاجلة لمنع وقوع أزمة صحية واسعة النطاق. فتاريخ الأوبئة التي تنتقل عن طريق القوارض، مثل الموت الأسود،.. يسلط الضوء على الخطورة المحتملة لانتشار فيروس H5N1 إلى الفئران المنزلية،.. وهذا يستدعي اتخاذ إجراءات فورية.

الفيروس H5N1: ماذا يعني اكتشافه في الفئران؟

أصدرت وزارة الزراعة الأمريكية معلومات محدودة حول كيفية انتقال فيروس H5N1 إلى الفئران. وفي يوم الثلاثاء، تم نشر بيانات تظهر أن الفئران التي أثبتت إصابتها بالفيروس كانت إيجابية في 8 ماي – أي قبل شهر تقريبا. لم تنشر السلطات أيضا أي بيانات حول التسلسل الجيني،.. مما يعني عدم وجود معلومات حول تحور الفيروس وقدرته على الانتقال بشكل أفضل بين الثدييات،.. وهو أمر يعتبر “مقلقا للغاية” بحسب الدكتور برايت.

الفيروس H5N1 ينتشر منذ أكثر من عشرين عاما، لكن في عام 2020 ازدادت سرعته بشكل ملحوظ،.. مما أدى إلى حدوث جائحة حيوانية ومقتل عشرات الملايين من الثدييات والطيور. وفي مارس، تم اكتشاف الفيروس في الماشية الأمريكية،.. ومنذ ذلك الحين انتشر إلى 71 من قطعان الألبان في تسع ولايات أمريكية، مما أثار مخاوف كبيرة بشأن انتقاله إلى البشر.

في الشهر الماضي، أعلنت الحكومة الأمريكية عن تمويل بقيمة 200 مليون دولار لمحاولة السيطرة على الفيروس في أبقار الألبان،.. لكن الخبراء يشيرون إلى أن هذه الخطوة قد لا تذهب إلى أبعد من ذلك.

سارة جيلبرت، أستاذة علم اللقاحات في معهد جينر والعالمة الرئيسية في لقاح أكسفورد لكوفيد 19،.. وصفت المعلومات الواردة عن فيروس H5N1 بأنها “مثيرة للقلق” وحثت على اليقظة،.. ودعت إلى الاستثمار في تقنيات اللقاح الأكثر سرعة.

يشدد الخبراء أيضا على أهمية تنظيم التفاعل بين البشر والطبيعة بشكل أفضل،.. حيث يقول البروفيسور فنسنت سافولاينن، أستاذ علم الأحياء العضوي في إمبريال كوليدج لندن،.. إننا بحاجة إلى حياة برية صحية لضمان مجتمع بشري أصح،.. ويحذر من الاعتماد على ردود الفعل بدلا من الاستباقية في التعامل مع مثل هذه الأوبئة.

- Advertisement -
مقالات ذات صلة