في ظل التوجه الوطني نحو تثمين التراث اللامادي وتحويله إلى رافعة اقتصادية فعلية، تبرز جهة فاس-مكناس كمختبر حي لتنزيل هذا الطموح على أرض الواقع، من خلال برنامج استثماري ضخم يتجاوز 715 مليون درهم، موجه خصيصا للنهوض بقطاع الصناعة التقليدية بمختلف مكوناته.
الجهة، التي صدرت خلال سنة 2024 ما قيمته 143 مليون درهم من المنتجات الحرفية، تسعى من خلال هذا البرنامج المتكامل إلى خلق دينامية جديدة في القطاع، عبر مقاربة شمولية تشمل البنيات التحتية والتكوين والإنتاج والتسويق.
فاس-مكناس تراهن على الحرفيين
ومن أبرز المشاريع المبرمجة، إحداث معرض دائم للصناعة التقليدية بمدينة فاس بكلفة 50 مليون درهم، إلى جانب إطلاق منطقة أنشطة حرفية بعين بيضا باستثمار يصل إلى 30 مليون درهم. كما تعززت البنية التكوينية بإنشاء المدرسة الوطنية للفنون التقليدية في فاس بـكلفة 96 مليون درهم، إلى جانب توسيع وتهيئة معهد الفنون التقليدية (ISAT) الذي خصص له غلاف مالي قدره 21 مليون درهم.
ولا يغيب البعد التراثي عن هذا المخطط، حيث يرتقب استكمال أشغال المدبغة التقليدية بعين النقبي (3.5 مليون درهم)، وإعادة تأهيل المركب الحرفي بمكناس (20 مليون درهم)، إلى جانب توسعة المركب الحرفي بمدينة صفرو (6 ملايين درهم)، وإنشاء آخر جديد ببولمان بـكلفة 5 ملايين درهم.
ولأن القطاع الحرفي لم يعد يقتصر على الفنون التقليدية فقط، فإن المخطط الجهوي يضع ضمن أولوياته تخصيص مناطق حرفية لقطاع السيارات في كل من فاس، مكناس، إفران وبولمان بغلاف مالي يناهز 107.5 مليون درهم.
وفي بعد آخر من المشروع، يندرج برنامج مخصص للاقتصاد الاجتماعي والتضامني يضم شقين: أحدهما موجه للاستثمار بقيمة 48 مليون درهم، والثاني لدعم القدرات والتأطير بغلاف 8 ملايين درهم، إلى جانب اعتماد شهادة جماعية للأصالة للمنتجات الحرفية للجهة (4 ملايين درهم).
أما على المستوى البيئي، فيراهن البرنامج على تحسين ظروف العمل في قطاعي الفخار والجير، عبر دعم استعمال الأفران الغازية وتحديث محطات معالجة الطين في كل من بن جليق ومكناس، بغلاف مالي يقدر بـ 108.6 مليون درهم.
ويولي هذا المشروع أهمية خاصة للمناطق الصناعية الحرفية، حيث تطور حاليا منطقة عين بيضا على مساحة 16 هكتارا، فيما تستعد منطقة بن جليق المتخصصة في الفخار والزليج ومنطقة عين النقبي الخاصة بالنحاسيات للتحول إلى أقطاب متكاملة للصناعة التقليدية.