في تطور يثير القلق ويعيد ظاهرة الكلاب الضالة إلى واجهة النقاش العمومي، كشف وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت عن حصيلة صحية مقلقة تؤكد حجم التهديد الذي بات يواجه المواطنين في مختلف مناطق المملكة. فقد سجلت سنة 2024 وحدها أزيد من 100 ألف حالة عض وخدش، أفضت إلى 33 حالة وفاة بسبب داء السعار، إلى جانب 432 إصابة بالأكياس المائية و64 حالة لليشمانيا الحشوية.
لفتيت، الذي كان يجيب عن سؤال كتابي حول انتشار الكلاب الضالة بمدينة سلا، أكد أن هذه الفئة من الحيوانات تعد الخزان الأساسي لعدد من الأمراض الخطيرة، وأن المغرب شهد خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا لافتا في أعدادها، مما ينعكس مباشرة على الصحة العامة ويهدد سلامة السكان، خاصة في الأحياء الهامشية والمناطق القروية.
ولمواجهة هذا التحدي الصحي، سلط وزير الداخلية الضوء على اتفاقية شراكة مع معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، تروم تطوير البحث العلمي في طرق مكافحة الكلاب الضالة وداء السعار. وتشمل هذه التجربة تلقيح الكلاب عبر الفم باستعمال طعوم خاصة، وهي مقاربة جديدة بدأ العمل بها في مارس 2024، حيث تم اختيار جهة الرباط – سلا – القنيطرة لتنفيذ هذا المشروع النموذجي.
وفي الجانب المتعلق بحماية المواطنين والرفع من فعالية العلاج الوقائي، أشار لفتيت إلى الاتفاقية الإطار الموقعة بين وزارتي الداخلية والصحة منذ 2018، والتي تسمح بتحويل 40 مليون درهم سنويا لمعهد باستور من أجل اقتناء اللقاحات والأمصال المضادة للسعار. وتتكفل وزارة الصحة بتوزيع هذه المواد على 565 مركزا صحيا عبر التراب الوطني، مع التركيز على المناطق القروية التي تعرف تسجيل أعداد أكبر من الإصابات.
كما تخصص الجماعات الترابية بدورها 40 مليون درهم إضافية سنويا لدعم المراكز الصحية التابعة لها، والبالغ عددها 115 مركزا، ما يعكس حجم الجهود المالية المبذولة للتخفيف من المخاطر الصحية التي تتسبب فيها الكلاب الضالة.
ورغم هذه التدخلات، يواصل الملف طرح أسئلة ملحة حول نجاعة السياسات المعتمدة، وضرورة إيجاد حلول أكثر شمولية توازن بين الصحة العامة والرفق بالحيوان، وسط مخاوف من استمرار ارتفاع الإصابات في حال عدم التحكم في تكاثر الكلاب الضالة وإعادة تنظيم الفضاءات العامة بشكل فعال.


