عادت إلى الواجهة بمدينة الدار البيضاء تفاصيل واحدة من أكثر القضايا العقارية إثارة خلال السنوات الأخيرة، بعدما أعادت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية فتح تحقيق معمق في ملف يتعلق بمحاولة الاستيلاء على ممتلكات ملياردير مغربي يهودي توفي قبل 15 سنة، بطريقة توصف في الأوساط القانونية بأنها “غير مسبوقة”.
وتؤكد المعطيات المتوفرة أن خيوط الحيلة بدأت حين لجأت شركة إلى المحكمة التجارية بالدار البيضاء، مطالِبة بالحكم على الملياردير المتوفى بأداء مبلغ يناهز 400 مليون درهم، بناء على فواتير وصفقات تجارية مزعومة ادعت أنها أبرمت معه.
ولإضفاء طابع الشرعية على ادعاءاتهم، قدم مسيرو الشركة نسخا من إنذارين بالأداء مؤرخين في سنتي 2005 و2007، يحملان توقيع الرجل وختمه، في محاولة لإيهام القضاء بأن الملياردير تلقاهما وأقر بما جاء فيهما، رغم أنه كان متوفى منذ سنوات طويلة.
الأغرب، وفق ما تم تداوله، أن مفوضا قضائيا كلف بتبليغه استدعاء لحضور جلسات المحكمة، قبل أن يقرّ في محضره بأن المعني بالأمر رفض تسلمها… رغم أن المعني بالأمر توفي قبل عقد ونصف من الزمن.
هذا التبليغ “المستحيل” فتح الباب أمام الشركة للحصول على حكم ابتدائي لصالحها، قبل أن تبادر إلى إصدار شهادة عدم الطعن، بحجة أن الحكم تم تبليغه مرة أخرى وأن الملياردير رفض تسلمه كما حدث سابقا.
وبمجرد تحصين الحكم، بدأ سباق محموم نحو التنفيذ الجبري، واستهدفت الشركة عقارين فاخرين بمنطقة الوازيس تقدر قيمتهما بمبالغ ضخمة، وكانت في طريقها لعرضهما في المزاد العلني، لولا تدخل جهات قدمت نفسها باعتبارها من ورثة الملياردير، وأوقفت عملية البيع كاملة.
لكن هذه الوضعية لم تنه فصول الفضيحة، إذ تشير الوقائع إلى أن ممتلكات أخرى تعود لذات الملياردير تعرضت للتفويت بناء على عقود موثقة، رغم عدم انتماء المتصرفين فيها إلى الورثة الحقيقيين المقيمين في أوروبا. وهو ما دفع الورثة الشرعيين إلى التحرك، وتقديم شكاية رسمية انتهت بفتح تحقيق شامل من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، لكشف خيوط هذه الشبكة وتحديد جميع المتورطين داخل المغرب وخارجه.
القضية، التي تجمع بين التزوير، التحايل على القضاء، والتلاعب في عقارات تقدّر بالمليارات، مرشحة لأن تحدث زلزالا حقيقيا في محيط التوثيق والعقار بالدار البيضاء خلال الأسابيع القادمة.


