أكدت البيانات الرسمية الصادرة عن تقرير التجارة الخارجية الإسبانية لشهر أكتوبر 2025، وما تراكم خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة، حقيقة اقتصادية باتت غير قابلة للجدل: المغرب هو حجر الزاوية في العمارة التجارية الإسبانية بالقارة السمراء، بينما تظل الجزائر مجرد شريك “ثانوي” بهوامش ربح ضعيفة وبنية تجارية هشة.
الجزائر.. “النمو النسبي” الذي يخفي الهامشية
بالرغم من محاولات الترويج لعودة الدفء للتبادل التجاري بين مدريد والجزائر، إلا أن الأرقام الرسمية الصادرة في أكتوبر الماضي ترسم صورة مغايرة تماما. فقد بلغت الصادرات الإسبانية إلى الجزائر 191.8 مليون أورو فقط (حوالي 2.09 مليار درهم)، وهو ما يمثل نسبة “مجهرية” لا تتعدى 0.5% من إجمالي مبيعات إسبانيا للعالم.
ويشير التقرير الرسمي بلهجة تحليلية صارمة إلى أن “التقدم السنوي الملاحظ، ورغم كونه مرتفعا من الناحية النسبية، إلا أنه يستند إلى مستوى أولي ضعيف جدا (نقطة الصفر)، ولا يغير في شيء من المكانة الهامشية للجزائر في التجارة الخارجية الإسبانية”.
المغرب والجزائر.. المقارنة المستحيلة
تظهر الفوارق “الصاروخية” عند فحص الحصيلة التراكمية من يناير إلى أكتوبر 2025. ففي الوقت الذي تعاني فيه إسبانيا من عجز تجاري فادح مع الجزائر وصل إلى 3.5 مليار أورو (بسبب الارتهان الطاقي للغاز)، نجد أن الميزان التجاري مع المغرب يتسم بالحيوية والتوازن والنمو النوعي.
إليك لغة الأرقام التي تضع النقاط على الحروف:
- الصادرات الإسبانية للمغرب: تجاوزت 10.25 مليار أورو (حوالي 111.62 مليار درهم).
- الصادرات الإسبانية للجزائر: لم تتجاوز 1.73 مليار أورو (حوالي 18.93 مليار درهم).
- المركز: المغرب يحتل الصدارة الإفريقية بلا منازع، بفضل تنوع القطاعات واستمرارية التدفقات، بينما تنحصر العلاقة مع الجزائر في مبالغ متواضعة وهيكل تجاري ضيق.
تثبت هذه المعطيات أن الشراكة “المغربية-الإسبانية” ليست مجرد صفقات عابرة، بل هي اندماج إقليمي متجذر، جعل من المغرب الشريك الأول والوحيد الذي تعول عليه مدريد في إفريقيا. الفارق الشاسع في الأرقام يؤكد أن إسبانيا حسمت اختياراتها الاستراتيجية، مراهنة على “الجار الموثوق” والأسواق المغربية المفتوحة، بعيدا عن تقلبات ومحدودية الشراكة مع الجار الشرقي


