في خطوة أثارت الكثير من الجدل داخل الأوساط الحقوقية بإسبانيا، أصدرت محكمة بمدينة سانت فيليو دي يوبريغات التابعة لبرشلونة، حكما يقضي بإدانة رجل مغربي بالسجن 14 شهرا، بعد ثبوت اعتدائه المتكرر على زوجته وإخضاعها لظروف قاسية داخل المنزل، فقط لأنه لم يكن راضيا عن الطعام الذي تعده له. غير أن المفاجأة جاءت حين قررت القاضية تعليق العقوبة لمدة عامين كاملين، بشرط ألا يرتكب المعني بالأمر أي مخالفة جديدة وأن يخضع لدورة في “المساواة وعدم التمييز”.
وتشير تفاصيل الحكم إلى أن المتهم اعترف بالتهم الموجهة إليه، مؤكدا ما ورد في الملف من كونه ضرب زوجته بحزام وأمطرها بالسب والشتم داخل منزلهما في كوربيرا دي يوبريغات. ولم يكتف بذلك، بل منعها من مغادرة المنزل لأربعة أشهر، وأجبرها على إبقاء النوافذ مغلقة باستمرار، في سلوك صنفته المحكمة ضمن “العنف الاعتيادي والاحتجاز القسري”.
ورغم خطورة الوقائع، اكتفت المحكمة بمنعه من الاقتراب من الضحية لمسافة ألف متر لمدة محددة، ومنعته أيضا من حمل السلاح، إضافة إلى فرض 44 يوما من الأعمال ذات المنفعة العامة، دون تنفيذ العقوبة السجنية فعليا.
ويعيد هذا الحكم الجدل القديم الجديد حول السياسات المعتمدة في قضايا العنف ضد النساء داخل إسبانيا، خصوصا بعد تبني وزارة المساواة والحكومة لهذه البرامج “التوعوية” كحل لإعادة إدماج المعتدين. أصوات كثيرة داخل البلاد تعتبر أن غياب العقوبة السجنية المباشرة قد يشجع على تكرار الاعتداءات، ويترك الضحية عرضة للخطر في أي لحظة، بينما يرى آخرون أن هذه البرامج جزء من فلسفة إصلاحية تهدف إلى تغيير السلوك بدل الاكتفاء بمعاقبته.
وبين هذين الموقفين، تظل أسئلة كثيرة معلقة حول مدى قدرة هذا النوع من الأحكام على حماية النساء فعليا، خاصة حين يتعلق الأمر بملفات يتداخل فيها العنف الجسدي والنفسي والاحتجاز القسري، كما حدث في هذه القضية التي لا تزال تشغل الرأي العام.


